باسم الدبلوماسية البرلمانية… الغنوشي يحشر تونس في لعبة المحاور

مرة أخرى يغيب الخبر ويغيب السبق في المشهد الوطني سواء في الصحافة بمحاملها الأربعة أو في الاتصال المؤسساتي لأجهزة الدولة، وفي المقابل تزفّه إلينا وسائل الإعلام الأجنبية
الخبر بسيط ومركب يفيد وفق وكالة الأنباء الرسمية التركية الأناضول عبر مراسلها في طرابلس عاصمة الدولة الليبية بتاريخ 5 ماي الجاري ما يلي : « بحث رئيسا المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، والبرلمان التونسي راشد الغنوشي، ضرورة تفعيل المؤسسات المغاربية بما يخدم شعوب المنطقة ». ويضيف الخبر أن ذلك جاء خلال مكالمة هاتفية تلقاها المشري من الغنوشي، الإثنين، بحسب بيان للمكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة… وأكد الطرفان وفق الوكالة على أهميّة تفعيل المؤسسات المغاربية وتعميق التعاون بينها، مستحضرين « ما يجمع الشعوب المغاربية من أواصر الوحدة والمحبة والأخوة لمواجهة التحديات المشتركة

كما ناقش المشري والغنوشي، خلال الاتصال، ودائما حسب مراسل وكالة الانباء الصديقة « الأوضاع الاقتصادية والصحية بالبلدين الشقيقين في ظل جائحة كورونا »، وفق البيان

ليس ذلك فحسب، واحتراما لقواعد بناء البرقية في صحافة الوكالة قرأنا في القفلة ما يلي : من جانبها، ذكرت حركة النهضة التونسية، في بيان، أن : الغنوشي أجرى محادثات مع رؤساء البرلمانات المغاربية (ليبيا، والمغرب، والجزائر، وموريتانيا) وتبادل التهاني بمناسبة شهر رمضان

و أضاف البيان : تم التطرق لسبل تعميق التعاون بين المؤسسات المغاربية بما يخدم شعوب المنطقة وفي مقدمتها مجلس الشورى المغاربي التابع لاتحاد المغرب العربي، الذي كان مقررا انعقاده بداية أفريل الماضي بتونس وقد حالت كورونا دون ذلك

وواجه « اتحاد المغرب العربي »، منذ الإعلان رسميا عنه عام 1989، عراقيل لتفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية، حيث لم تُعقد أي قمة على مستوى قادة دول المغرب العربي منذ 1994، والتي كانت آخرها في تونس

هي الدبلوماسية البرلمانية بامتياز وفي المطلق، ولا مناص لبلادنا من توحيد الجهود وتنويع طرق العمل لتشع صورة تونس وتتحقق مصلحتها الوطنية وبالتالي فان الدبلوماسية سواء منها البرلمانية كما اسلفنا او النقابية او الاقتصادية او الثقافية او الرياضية او العلمية اوغيرها يجب ان تصب في هذه الخانة ووفق ثوابت السياسة الخارجية للدولة المستقلة ذات السيادة وعلى رأسها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم حشر تونس في لعبة المحاور والتعامل مع الاطراف الخارجية على قاعدة الشرعية

وهنا يتساءل المرء بداية عن غياب الخبر في الإعلام التونسي وخصوصا في وسائل الاتصال الرهيبة المتوفرة على ذمّة رئيس البرلمان. وحتى في علاقة بصياغة الخبر اليتيم حول الاتصالات مع رؤساء البرلمانات المغاربية، يُطرح السؤال لماذا لم تقع تسميتهم في الصفحة الرسمية لمجلس نواب الشعب وكذلك الصفحة الرسمية « للشيخ »، فهم ليسوا نكرات وهم على حد تعبير النهضة يمثلون السلط الاصلية في بلدانهم ولا ضير بالتالي في ذكر اسمائهم 

« أجرى الأستاذ راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الجاري، سلسلة من الإتصالات الهاتفية مع السادة رؤساء البرلمانات المغاربية…. وقد تمّ تبادل التهاني ….. مواجهة التحديّات المشتركة »، هكذا قرأنا في الخبر المبني على اللغة الخشبية

ثانيا، وبالعودة الى صفة خالد المشري، وهو رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي فهذا المجلس مؤسسة تنفيذية وهيئة استشارية فقط تأسست في ليبيا بعد اتفاق وقع في 17 ديسمبر 2015 تحت رعاية الأمم المتحدة في حين أن رئيس مجلس النواب الليبي الشرعي المنتخب هو عقيلة صالح وهو ما يطرح مرة أخرى موضوع التناظر فالعلاقات الدبلوماسية يتم التواصل في اطارها على مبدإ التناظر والند بالند دون أن ننسى اللون السياسي بطبيعة الحال للمشري

وإذا أضفنا إلى ما تقدم، نقطة ثالثة في نفس الاتجاه ونفس الحيثيات وهي المكالمة الهاتفية لراشد الغنوشي مع رئيس الدولة التركية قبل زهاء أسبوع، والخبر غاب وصدر بنفس الطريقة وفي نفس الأزقة الإعلامية ان جاز القول، تصبح الخشية كبيرة ومشروعة من أن رئيس مجلس نواب الشعب لا يتصرّف بصفته البرلمانية وانما بصفته الحزبية وإن لم يكن الأمر كذلك فهو أسوأ في نهاية المطاف فالجدل حول زيارة الباب العالي مطلع العام الجاري مازالت تلقي بظلالها على المشهد وتحيل الى أن الحركة الإسلامية ببلادنا ليست جاهزة بعد لفك الارتباط مع محور الإسلام السياسي في المنطقة

بقلم مراد علالة

الصورة العليا :  الغنوشي مع الإخواني خالد المشري