لم أتمالك من أخذ القلم متأكّدا أنّي سأبول في البحر و سأنفخ في رماد

لا يجب أن تتناقض الدّبلوماسية البرلمانيّة مع الدّبلوماسيّة الرّسميّة

لقد مرّ عليّ زمن من الدّهر أفحمتني فيه المصائب المتتالية على بلادي السياسيّة و الكورونيّة و ألزمتني بيتي و ألزمتني حدودي و لكنّي تابعت منذ حين نتائج الجدل البرلماني حول الدّبلوماسيّة البرلمانيّة و قرأت ما نطق به رئيس البرلمان و كتبته التلفزة بالأحرف الغليظة و ردّدته وسائل الإعلام قال الأستاذ الشيخ راشد الغنوشي و بعبع النّاس خلفه : لا يجب أن تتناقض الدّبلوماسيّة البرلمانيّة مع الدّبلوماسيّة الرّسميّة. و حاولت أن أسكت في نفسي غضبا اعتورني و اجتهدت في تجاهله فلم أتمالك من أخذ القلم متأكّدا أنّي سأبول في البحر و سأنفخ في رماد. إنّه يعنيني من هذه الجملة الخاتمة لأعمال البرلمان تركيبتها النّحويّة. إنّها تقول عكس المقصود منها في استعمالها لخطإ شائع يرد فيه فعل « الوجوب » مسبوقا بالنّفي : « لا يجب أن. » و في ذلك نفي للوجوب يُفضي منطقيّا إلى الجواز و الإمكان فيكون المعنى المستفاد من كلام الأستاذ الغنوشي: إنّه من الجائز و من الممكن بل لعلّه من المطلوب و من المستحسن أن تتناقض الدّبلوماسيّة البرلمانيّة مع الدّبلوماسيّة الرّسميّة و كانت النيّة و كان المقصود هو عكس هذا المنطوق و هذا المكتوب و كانت العبارة السليمة لأدائه أن لا تنفي « الوجوب » بل أن تنفي ما بعده فتقول : يجب أن لا تتناقض الدّبلوماسيّة مع الدّبلوماسيّة الرّسميّة

ليس هذا هو الخطأ الأوّل من أخطاء الشارع و الصحافة و السيّاسة الذّي أشهّر به و لن يكون الخطأ الأخير و لا من معتبر، و لا من مدّكر و لا حياة لمن تنادي. إلى أين نحن ذاهبون بلغتنا؟ لقد عشّشت في أمخاخنا موهبة جديدة و عبقريّة حديثة ولّدها فينا تفاقم الجهل بيننا تجعلنا نقول القول فنفهم عكسه و كذلك كان شأن الشارع التونسي في خطإ نبّهت إليه مرارا وهو قولهم : « إنّ الوضع يراوح مكانه » و هم يريدون أنّ الوضع لا يراوح مكانه

يا أهل العربيّة أشهد الله و أشهد أستاذنا عبد القادر المهيري أنّني قد بلّغت

الدكتورالهادي جطلاوي