الشعب الكريم يغني و يرقص على أنغام : الكورونا وَ لا هُومَا

دخلت هذا الصباح سوقا شعبيّا بالضاحية الجنوبيّة والمعنويات في الحضيض أثَر « عمايل » رجال السياسة رغم أنّ الراتب قد نُزّل، وفيروس كورونا بدأ يتعاطف معنا. وأنا في جولة في السوق، رأيت تجمهرا من الناس محتفلين، اِقتربتُ، فإذا غناء شعبيّ ورقص جماعيّ على أنغام : الكورونا ولاَ هُوما
كان الإيقاع على أشدّه، والركْز في أوْجه، ونقرات الطبْلة تهيّج نبضات القلب، بدأتُ أتحسّس المناسبة وقد شدّتني الكلمات التي انسربتْ إلى جأْشي، واستبشرتُ خيرا بهذا الشعب العظيم الذي صار يفرّق بين نصيره ومفقِّــره، ويغنّي علنا  » الكورونا ولا هوما  » في حبّ للحياة، وسعي : إلى النور، فالنور ظلّ الإله
بدأتِ الأنغام تؤثّر فيّ، وصارت المعنويات مرتفعة، وانخرطتُ في التصفيق والترديد مع المحتفلين، شجّعني على ذلك أني غير معروف في هذا السوق، فلن أسمع  » أستاذ ويشطح ! « . كانت الكلمات تنهال في تنغيمات يصعب أن تقاومها، تتغيّر من حين لآخر، من نغمة  » على دلْعونه على دلْعونه، تجينا الكورونا ولا يجونا هوما  » إلى أغنية  » جزّار الحومة غمزْني بعْيونا، وقلّي :  الكورونا ولا يجونا هوما 
لاحظتْ مسنّة، أيّامُها معدوداتٌ، أنّ حزامي صار متحرّكا لا يهدأ، ويديّ لا تكفّان عن التصفيق، جذبتني إلى الرقص فانجذبتُ أكاد أشكرها على الدعوة، رقصة جماعية مع الشعب الكريم انغمستُ فيها بحماسة شماتة في  » هوما « ، « ما استبقيت للراقصين شيّا »، تركوا لي الساحة يساندونني بالتصفيق والمسنّة لهِفة عليّ وقد : أُعجت بي بين نادي قومها
يكاد الفرح يطير بي، فالفئات الفقيرة صارت عارفة بمجوِّعها، وعزفت أغاني تدين مفقِّـرها، لقد زهق الباطل،  » إنّ الباطل كان زهوقا « ، تأكّدتُ أنّ هذا المجتمع لا يؤثر فيه نوّاب فاسدون أو ساسة انتهازيون. وأنا في غمْرة النشوة، إذ بكهل يوقف النوبة بإشارة منه، ويشرع في خطاب الجماعة والزغاريد تتهاطل عليه والتصفيق يثمّن خطبته، سمعته يقول:  مرحبا بجماعتنا، يعطيكم الصحّة، فعلا، الكورونا ولا هوما، ها العلمانيين الكفّار، أعداء الإسلام 
ما إن فهمت المقصود بــ  » هوما  » حتى انسللتُ حيِيّــا من نفسي وقد عرفتُ أنّي راقصتُ هوما

الدكتور توفيق العلوي