اتّبع عقلك، فالعقل نبيّ (5) : « فطرة » الإسلام السّياسيّ الدّستوريّ

نريد التّخلّص من إسلام القرون الوسطى المتقادم، الّذي يعبّر عنه مشروع أقصى اليمين الإسلامي، غير القابل للتّحقيق اليوم: إسلام الإجماع، إسلام الجماعة المفروض على الفرد بقوّة التّقاليد أو بالقوّة، إسلام تذويب العقل في النّقل، وتذويب الفرد في الأمّة
العفيف الأخضر، إصلاح الإسلام:20

– 97 –

يريدنا « علماء » الزّيتونة أن نقرّ أنّ الإسلام – « إسلامهم » هم دون غيرهم باعتباره، أوّلا وقبل كلّ شيء، أصلهم التّجاريّ الثّابت – « دين الفطرة السّليمة »، تنطق الحجر بالشّهادتين. فهل بإمكان هؤلاء « الجهابذة النّحارير » أن يفسّروا لنا، نحن جحافل المتنطّعين المعاندين، لماذا إذن لا يولد البشر كلّهم – وهم أفضل مكانة من الحجر في هذا الكون – مسلمين؟ ولو وقع ذلك لكان البشر كفوا شرّ التّطاحن والاقتتال. أليس من الغريب أن يحيد المسلمون أنفسهم عن هذه « الحتميّة الدّينيّة الفطريّة » فيولد بعضهم سنّيّا، وبعضهم شيعيّا أو خارجيّا أو درزيّا؟ وأغرب ما في الأمر أنّ التّونسيّين أنفسهم حرموا من بركات هذه القدريّة الفطريّة فإذا هم، أسوة بغيرهم من البشر، في الاختلاف يعمهون، لم يسلم من لعنة الاختلاف منهم حتّى « علماء » الفرق النّاجية، وما أكثرهم في هذا الظّرف الّذي أصبح بإمكان أيّ كان أن يتحوّل في طرفة عين إلى مرجع « دينيّ » موثوق، لا ينطق – ولو تفوّه بالمحال – إلاّ حقّا

– 98 –

لو أخذنا كلام « علماء » الزّيتونة على عواهنه لكان من الضّروريّ أنّ نقرّ أنّ التّمييز بين الذّكور والإناث من ثوابت « الفطرة السّليمة » الّتي اتّخذها « إسلامهم » له قاعدة وشعارا، وأنّ الجلد والبتر والسّحل والرّجم والذّبح والقطع من خلاف، وغيرها من الفظائع الدّمويّة الّتي تقشعرّ لهولها العقول السّليمة، هي الأخرى من ثوابت هذه « الفطرة السّليمة »، لا يستنكف منها ويطعن في طابعها « الإلهيّ » إلاّ المارقون والفسقة والكافرون، ومن لفّ لفّهم من أهل الزّيغ والأهواء المنادين – يا للهول – بأسبقيّة العقل على النّقل، ويستهجنون ويتلظّون غضبا إذا قيل لهم إنّ العقل حيّ والنّقل ميّت، وأنّه من البديهيّ بناء عليه أن لا شيء يعلو على قانون الحياة

– 99 –

« يولد الطّفل على الفطرة، وأبواه يهوّدانه، أو يمجّسانه، أو ينصّرانه ». وكان من الممكن الاستمرار في التّعداد إلى ما لا نهاية، أي إلى أن يأتي التّعداد على كلّ الملل والنّحل المعروفة منّا والمجهولة على حدّ السّواء (والمجهول منها لدينا يربو عن المعلوم، بل إنّ الإسلاميّين لا يعرفون منها كلّها إلاّ الدّين الّذي ورثوه عن آبائهم)، فيقال مثلا: أو يوثّنانه، أو يأسلمانه، أو يبوّذانه، أو يلحّدانه… إلخ. وهذا يعني أنّ الفطرة البشريّة لادينيّة بالضّرورة، ويعني كذلك – وهذا هو المهمّ – أنّ الدّين، خلافا للتّديّن، هو من العوامل الثّقافيّة الطّارئة الّتي تحدّدها صدف المولد والجغرافيا

– 100 –

+فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ». ألا يعني هذا الإقرار الرّبّانيّ أنّه من المحال أن يجتمع النّاس على رأي واحد، وأنّ الاختلاف جبلّة ربّانيّة فيهم، وأن ليس للفطرة الإنسانيّة إذن ضابط من خارجها بإمكانه أن يوجّهها عكس ما يقرّره قانونها الرّبّانيّ؟

– 101 –

لا خير في سماء تسوّغ الظّلم باسم الفطرة. وقد جعل الإسلام السّياسيّ اليوم من دستور « الثّورة » الّتي سطا عليها سماء يبرّر بها انحرافاته العقديّة الأخلاقيّة الّتي زيّنت له أنّ « موبقات » الماضي فضائل لا محيد عنها لتقاة اليوم المستظلّين برايته. فأن تكون من أنصار الجلد والرّجم والصّلب لهو الدّليل الفاقع على أنّك ارتقيت مدارج الاصطفاء والكمال حتّى منتهاها

– 102 –

ليست الفاحشة في تلاحم الأجساد فطرة (فقد كان ذلك دأب الإنسان منذ سعت به قدمه على الأرض، لم تحل الكوابح والموانع دونه وما يريد)، بل الفاحشة – كلّ الفاحشة – في سكاكين الجزّارين يشرعها مدمنو المعابد في أفئدة من لم ينتظم في صفوفهم

– 103 –

ومن الأسوياء من أوردته « فطرته السّليمة » في حضيض الحضيض من مرابع الشّذوذ. وهل أبلغ في الشّذوذ من « مجاهد » يعمل سكّينة « المؤمن » في رقبة صبيّ أو صبيّة بدعوى أنّهما حادا عن صراطه المستقيم؟ أيّ صراط مستقيم هذا الّذي يجيز ذبح الأطفال كما تذبح الأنعام؟

– 104 –

ما الّذي يحمل الحيّ على نبذ فطرته والارتهان إلى فطرة الأموات في أمور معاشه ومعاده؟ إنّها نزعة تقديس الأسلاف البدائيّة تفعل فعلها اليوم في الإسلام السّياسيّ الدّستوريّ، حوّلت كلّ الأسلاف الأموات في نظره إلى أولياء، بل إلى أنبياء وآلهة، فبات الإسلاميّون – وهم الموحّدون بزعمهم – من عتاة المشركين. ونحن نقرأ في الكتب العتيقة أنّ كثيرا من « الأسلاف » ادّعى النّبوّة »، وذهب الجنون ببعضهم الآخر إلى حدّ ادّعاء الألوهيّة. إنّهم يحرقون اليوم أضرحة أولياء الماضي « الجاهليّ » بأوامر من أولياء اليوم الّذين وطّنوا العزم على احتكار الولاية، وبالتّالي فهم لم يفعلوا غير أن استبدلوا وليّا بآخر، أي قيدا قديما بغلّ جديد

– 105 –

لا معنى للمعاد ونعيمه وجحيمه إذا أصرّ المحتسبون على مسخ الإنسان الخطّاء ملاكا، فالخطيئة جزء لا يتجزّأ من الفطرة الّتي يزعم القائلون بها اليوم أنّها عنوان الاستقامة والعصمة. ولا عصمة لآدميّ كائن من كان. أليس هذا هو بالضّبط ما تقرّره المتون، المقدّسة بزعمهم؟ إنّ الإسلاميّين السّياسيّين الدّستوريّين لا يستنكفون من تسفيه « العقل » تزلّفا لمتونهم المعصومة، ولكنّهم لا يستنكفون من تسفيه هذه المتون نفسها ذودا عن « بدعتهم » المذهبيّة لأنّها هي كلّ الإسلام وكلّ المقدّس في نظرهم

– 106 –

واهم من يعتقد أنّه سيعثر على نبض إنسان اليوم وفطرته في بطون الأسفار القديمة، فلن يعثر فيها – إن وفّق في مسعاه – إلاّ على الرّفات. ولا لوم على الرّفات، ولكن اللّوم – كلّ اللّوم – على من لاذ بالرّفات خوفا من أن ينشط فيه العقل فيقوده إلى « مواطن الهلكة ». ثمّة شرخ عميق في علاقة المؤمن بعقله مردّه إلى تخطئة الرّأي وتجريمه، وتصويب النّصّ في كلّ الحالات ولو تناقض مع المنطق السّليم. ذلك لأنّ المنطق السّليم، في عرف العازفين عن القول بالرّأي، ليس من مراسم « الفطرة السّليمة »، بل هو من ألاعيب الشّيطان. ولا جدال لدى المؤمن الحصيف أنّ « العقل » شيطانيّ المنزع والمرمى

– 107 –

اللّغة هي عصب الحياة، ينفى من الدّنيا من يدير لها ظهره. لذلك لا مناص من القول إنّ الأموات وحدهم هم الّذين يتنكّرون لفطرة الحياة فيهم ولسانها ولعا بهدي من اندثر من أسلافهم، وهو الغثاء

– 108 –

هاتوا لي « عالما » أو « شيخا » واحدا من المستظلّين – حقّا أو باطلا – براية الزّيتونة ليشرح لي لماذا لم تحل الفطرة السّليمة – ممثّلة في « الإسلام » دون غيره من شرائع الأرض – بين المسلمين والانحراف والشّذوذ؟

– 109 –

ساذج من ينتظر أن يتفصّى « الإسلاميّ الدّستوريّ » عن غيرته « الفطريّة » (في نظر من أوهمه بذلك) على دينه رغبة منه في التّعايش السّلميّ مع المزورّين عن قبلته، فهو يرى أنّه من اللّزوم أن يتوب الخارجون عن حدود « الحتميّة الفطريّة » وينيبوا ويدخلوا فيما دخل فيه الصّالحون قبلهم

– 110 –

لم يلغ « دين الفطرة » الأديان السّابقة عليه وهو في عنفوانه، ومن البديهيّ أنّه لن يقدر على إلغائها اليوم، تماما كما لم تقدر اليهوديّة والمسيحيّة العقائد السّابقة عليها. ولن يقدر دين الفطرة – إن وجد فعلا – على إلغاء التّاريخ طبعا، ولكنّ ذلك لن يمنعه من تكرار المحاولات ومواصلة معاركه العبثيّة مع طواحين الرّيح في عهد لم يبق فيه لطواحين الرّيح أثر على وجه الأرض

– 111 –

السّذّج وحدهم هم الّذين يعتقدون أنّ الإنسان يولد مؤمنا بالدّين الّذي يؤمن به والداه. هذه السّذاجة الإسلامويّة (المفتعلة يقينا) العجوزويّة (نسبة إلى إيمان العجائز، وهو التّجسيد الأمثل في نظرهم للفطرة السّليمة) يعني أنّ الدّين معطى جينيّا موروثا، لا يصوم عنه أحد باختياره. هذا هو الجنون الإسلامويّ بعينه، فلماذا لا يتّهم بالجنون كلّ الكهنة والمشعوذين والدّوغمائيّين والانتهازيّين والسّماسرة الإسلامويّين، المنتشين بإنجازاتهم الدّستوريّة، الّذين لا ينفكّون يصدّعون رؤوسنا بقولهم: « التّونسيّون مسلمون كلّهم؟ » ذلك لأنّنا ماركة مسجلّة في نظر هؤلاء الأفّاقين جميعا. وعليه، فإنّه يضحي من واجب أيّ مجنون من مجانين الله، الخارجين عن قانون الجمهوريّة المدنيّة، أن يطالب مثلا بغلق المقاهي والمطاعم والحدائق والمرافق الحيويّة، والحياة كلّها، خلال شهر رمضان، فتسكت عن تجاوزاته هذه وزارة الدّاخليّة والدّائرة القضائيّة العليا، لعدم كفاية الأدلّة طبعا، ويفسح له المجال ليلمّ بكلّ بلاتوهات التّليفزيونات القياميّة صارخا : التّونسيّون مسلمون كلّهم
والعجب من الإسلاميّين الدّستوريّين القائلين بهذه المصادرة البيولوجيّة كيف يدعون إلى دينهم أتباع الملل الأخرى. فمن بإمكانه يا ترى أن يخرج من جلده أو أن يكفر بلون عينيه ويعتنق لهما لونا غيره؟ ولماذا لا يجوز على اليهود والنّصارى والبوذيّين والوثنيّين واللاّدينيّين والبهائيّين والبابيّين والصابئة وعبدة الشّيطان وعبدة الفرج والملحدين ما يجوز على الإسلاميّين الدّستوريّين الملزمين بالثّبات على « بدعتهم » بالذّات، فهم لذلك يقولون بمبدأي الولاء والبراء، ويستبيحون بموجبه كلّ الدّماء؟ هل يكون أهل الكتاب، والمشركون عامّة، مستثنين من هذه الحتميّة البيولوجيّة العجيبة، عقابا لهم على « زيغهم »، المقدّر لهم سلفا؟ أم هل أنّ هذه الحتميّة البيولوجيّة امتياز خاصّ بالإسلام السّياسيّ الدّستوريّ وأتباعه، تنصيصا من السّماء على أفضليّته الأبديّة على كلّ الملل والنّحل ما اندثر منها وما لم يزل بعد على قيد الحياة؟
أذكياء الإسلاميّين الدّستوريّين من أنصار هذه النّظريّة يردّون بقولهم إنّ الإسلام دين الفطرة، ولكنّهم لا يحيرون جوابا إذا سألتهم لماذا لم تبثّ هذه الفطرة القويمة في النّاس كافّة لتجنّبهم محنة الاختلاف وعواقبه الخطيرة. ويجنّ جنون الإسلاميّين الدّستوريّين إذا تماديت في هرطقتك فسألتهم مثلا عن مشروعيّة حدّ الرّدّة في بلد يزعم القائمون عليه أنّهم على دين أهل زمانهم أجمعين، جعلوا حقوق الإنسان في مقام شريعتهم، وأعلنوا التزامهم بها في كلّ المحافل المحلّيّة والدّوليّة
لم يجب الإسلاميّون الدّستوريّون على هذه الأسئلة، بل استماتوا وأشياعهم، من مختلف المشارب، في الذّود عن امتيازهم البيولوجيّ العقديّ، زاعمين أنّه من المنطقيّ، بناء على كلّ ما تقدّم، أن تتحوّل بدعتهم هذه إلى جزء لا يتجزّأ من الفطرة البشريّة، أحبّ من أحبّ وكره من كره، مقرّين العزم على قطع (فعليّا ومجازا) لسان كلّ من يجرأ على التّشكيك في هذه « الحقيقة البديهيّة » الّتي أكّدت الأغلبيّة السّاحقة من البشريّة على بطلانها

– 112 –

« الثّوابت » و »المسلّمات » و »الفطرة » و »الرّكائز » و »الدّعائم »، وغيرها من المصطلحات الّتي تتردّد اليوم في خطاب الإسلام السّياسيّ الدّستوريّ بكلّ أطيافه، هي من قبيل « البراهين السّلطويّة » الّتي لا تروم إقناعا، بل إنّ مرادها « إخراس » المعاندين بما لا طاقة لهم على ردّه خوفا من أن يرموا « بالكفر »، ويقعوا بذلك تحت طائلة « الحدود » المتوحّشة، وفي مقدّمتها « الرّجم »، فهو الجزاء الوفاق لكلّ المتجرّئين اليوم على « الإسلام وأهله ». هذا ما تقرّر في بيان « علماء » الزّيتونة، وبيان « المجلس الإسلاميّ الأعلى » أخيرا، وما سيتقرّر لاحقا في بيانات كلّ من سيمتشقون أقلامهم مجاهدا

– 113 –

إذا شاء لك سوء الطّالع أن تقف في حضرة من لا يقرأك إلاّ على طريقته، أو من يتظاهر بذلك، ولا يدرك ممّا كتبت حرفا واحدا فيلهمه العجز والجهل أنّك عبثت به بغاية السّخريّة منه، فلا تتعجّب إن وقع فيك وأخذ يلطم وجهك بكتابك مؤنّبا مقرّعا، ثمّ انهال عليك تعريضا وشتما وتحقيرا، وأقذع في حقّ عقلك وعرضك وإيمانك وآلهتك وطقوسك وأحلامك ومشاريعك وآفاقك، وكلّ ما يمتّ إليك بصلة. وهو في كلّ ذلك يخرج قصوره الإيمانيّ الثّابت مخرج العلم لأنّ الآلاف من مرتادي المعابد والملاعب (الّتي تحوّل عند اللّزوم إلى معابد) واطأوه عليه، وزيّنوا له بالتّصفيق والتّهليل والتّكبير أنّ حقّه هو الحقّ الّذي لا يأتيه الباطل من أيّ سبيل. وقد يخرج قصوره عن الإدراك مخرج التّسامح، أو «التّساهل» على حدّ قول ميخائيل نعيمة، ويرى لكلّ ذلك أنّه محقّ أن يفقأ عين من أنكره، ويجدع أنف من لم يستنشق رائحته الطّيّبة، ويكسر ذراع وعنق ورجل من لم يسع في نشره في كلّ أقطار الأرض
يزعم سليل «أشباه المرشدين» هذا، «وما هو بالمرشد، القائل بنبذ التّعصّب، وهو من المتعصّبين، والكارز بالتّساهل وليس من المتساهلين»، أنّ الحقّ يكون دائما في النّاس في مقام الفطرة. ذلك أنّ للحقّ رائحة وطعما لا تخفى عن ذوي الألباب، ويمجّها من ذوقه ذوق السّوائم، بل دونها أحيانا، هي بالتّحديد حقّ هؤلاء المتساهلين الإسلاميّين اليوم، فهم لذلك، يستطرد ميخائيل نعيمة، : عندما «[يـ]ـتساهلون» مع النّاس – إن في عقيدة أو ذوق أو شعور – فكأنّـ[ـهـ]ـم [يـ]ـقلّدونهم جميلا، متكرّمين عليهم بحقّ ليس لهم، وواضعين أنفسـ[ـهـ]ـم في مرتبة أعلى منهم. وكأنّهم بذلك [يـ]ـقولون لـ[ـهـ]ـم: نحن على هدى وأنتم في ضلال، لكنّنا نسكت عن ضلالكم رأفة بكم ودرأ لما قد يكلّفنا ردّكم إلى الحقّ من تعب وجهاد
هذا « القارئ » هو واحد من معتنقي مذهب «الصّحوة» أو «القيامة»، أو «التّحرير والنّصرة»، أو «القهر والغلبة»، أو «الاكتساح والفتح»، أو «الاستتابة والاستئصال»، أو «السّحق والمحق والإبادة»، أو «البراء الباتّ من أهل الأهواء»، لا فرق بينها جميعا فكلّها تزعم أنّها لسان المذهب الإسلامويّ الحنيف، يغدقون على أنفسهم لقب المصلحين، وإنّما هم «أشباه المصلحين وما هم بالمصلحين، الذّين يرتأون توحيد المذاهب لاعتقادهم أنّ النّاس إذا ما توحّدت مذاهبهم توحّدت قلوبهم وأفكارهم، فجلت عنهم جيوش التّعصّب والضّغينة، وحلّت محلّها أجناد الوئام والسّلام. إذن فليوحّدوا أذواق النّاس في كلّ ما يأكلون ويشربون، ويحبّون ويكرهون. إذن فليوحّدوا أحلامهم في اللّيل وأهواءهم في النّهار. إذن فليوحّدوا ميولهم وأعمالهم، وليوحّدوا قاماتهم وبيئاتهم، كي لا يحسّ واحد ما يحسّه الآخر، إذن فليصهروهم في أتّون واحد ويسكبوهم من جديد في قالب واحد. لكنّني أقول لـ[ـهـ]ـم إنّهم ولو فعلوا كلّ ذلك – وهو مستحيل إلاّ على اللّه، ولو شاء اللّه لفعله من زمان – لما خلقوا مذهبا واحدا تنصبّ فيه جميع قلوب النّاس وأفكارهم
وجوابك لهذا الرّجل، إن ابتلتك الأقدار بمجاورته يوما – ولرهطه من أهل «الإفاقة» أو «عودة الوعي»، وما شاكلها من الكوكتيلات اللاّهوتيّة والميتافيزقيّة -، هو ما خاطبه به ميخائيل نعيمة قبلك منذ عقود من الزّمان، فقال يردّ عليه «صدقته» و«تساهله» و«منّه»: «وأنت من أنت لتحجب [اللّه] عنّي، فلا أراه إلاّ بعينيك، ولا أمجّده إلاّ بلسانك؟ وأنت من أنت «لتتساهل» معي «فتسمح» لي أن أبصر ربّي بعيني وأمجّده بلساني؟ ومذهبي في اللّه هو صوت اللّه فيّ. فمن أنت لتخنقه أو «لتتساهل» معي فلا تخنقه؟ ومذهبي من روحي كأنفي من وجهي، ذاك يكمّل كياني الباطنيّ، وهذا يتمّم كياني الخارجيّ؛ فإن أنت لم يعجبك أنفي، بل لم يعجبك من أنوف النّاس غير أنفك، أفلا امتشقت سيفك وأعملته في أنوف النّاس لتجعلها مشابهة لأنفك»؟

– 114 –

الدّفاع عن حرّيّتي حرّيّة الضّمير والمعتقد الدّستوريّتين، ولجم نوازع الاستبداد في المحتسبين الإسلاميّين بأمر أنفسهم، أولئك الّذين أطلقت الجمهوريّة – « المدنيّة » نظريّا والإسلاميّة دستورا وتشريعا – في الفضاء العامّ للتّشهير بالمارقين والمطالبة بجلدهم ورجمهم في السّاحات العامّة، بات أمرا عزيز المنال في تونس الثّورة. والدّليل على ذلك أن لا أحد من أصحاب الدّكاكين اليساريّة جازف حتّى بمجرد التّعريض بهذه التّجاوزات القانونيّة الخطيرة، فضلا عن المطالبة بإيقاف مرتكبيها ومحاكمتهم، وذلك خوفا من أن يزجّ بالمطالب بهذا الإفك الصّراح في زمرة المارقين، المعادين لهويّة الشّعب الإسلاميّة الدّستوريّة الأزليّة. ومن يدري فقد تبلغ الحماسة « الإسلامويّة » ببعض أهل الورع والتّقوى حدّ اتّهام المدافعين عن المساواة والعدالة والحرّيّة بمناصرة المثليّين والمنحرفين، والدّعوة إلى إلغاء الختان، والعبث بالثّوابت الأسريّة المقدّسة، والانحراف عن مقوّمات الفطرة السّليمة الّتي جبل عليها « المسلمون » دون غيرهم من العالمين
أفلا يعني كلّ هذا أنّه لا خير في الوقوف ضدّ ما لا يحبّه الشّعب ويرضاه، لا يهمّ أأخطأ في ذلك أم أصاب، لأنّ الحكمة تقتضي أن يؤمن السّياسيّ، الحريص على رفاهيّة دكّانه أوّلا وآخرا، أنّ الشّعب مصيب ولو أخطأ؟ أليس هذا هو السّبب في وقوف عتاة اليساريّين الأصوليّين في البلاد إلى جانب المنقّبات، دفاعا عن حرّيّة اللّباس المقدّسة، ووقوفهم ضدّ المساواة في الإرث بين الرّجال النّساء باعتبارها سابقة لأوانها؟ أمّا حرّيّة الإفطار في رمضان، وحرّيّة المجاهرة بعدم التّديّن أسوة بالمجاهرين بالتّديّن إلى حدّ الاستفزاز، فأمر لا طاقة لعتاة اليساريّين الأصوليّين بالنّهوض به في الوقت الرّاهن لأنّ الظّروف الموضوعيّة لم تلتئم بعد لطرح قضايا بمثل هذه الحساسيّة

– 115 –

عجبي من « فطرة » – في منتهى « السّلامة » في نظر القائلين بها، بل إنّها لديهم كمال السّلامة – تضيق ذرعا بالعقل، وتزعم مع ذلك أنّه أسّها وقوامها، فتجيز « الظّلم » الصّراح بدعوى أنّه من « سنن » الأسلاف الثّابتة الّتي تواترت في المتون الصّحيحة، لا مجال للطّعن فيها عقلا، فضلا عن المساس بها شرعا، اليوم أو غدا

– 116 –

العقل هو الفطرة السّليمة، لا فطرة للإنسان سواه، فمن خرج عن حدّه فقد ضلّ وخاب سبيلا

– 117 –

لماذا كتب علينا أن نشغل حاضرنا بالقضايا الّتي شغلت سلفنا « الصّالح قبلنا » (كقضيّة « الخلافة » مثلا، بشقّيها « الرّاشد » و »الفاسق »)، فتفانوا بسببها في ساحات الحرب ولم يهتدوا لها إلى حلّ مناسب؟ لماذا كتب علينا أن نتحمّل وزر المواجهات الدّامية الّتي دارت بين المبشّرين بالجنّة، والحروب الّتي اشتدّ وطيسها بين عليّ بن أبي طالب (وهو من أعاظم المبشّرين بالجنّة) ومعاوية بن أبي سفيان (وهو نجل رأس الكفّار والمنافقين، وواحد من المؤلّفة قلوبهم) ومن انحاز إلى كليهما من الرّجال والنّساء، فأخذنا على عاتقنا اليوم أن نحسم عنهما معركة صفّين، وما سبقها وما تلاها من المغامرات والمناوشات والغارات والاغتيالات والتّصفيات بشتّى أنواع السّلاح؟ وهل ترانا سنوفّق حيث فشل أصحاب الشّأن أنفسهم؟
وهبنا لم نشهر السّيوف في وجوه بعضنا البعض نيابة عن معاوية وعليّ، ومن ورث عنهما أحقادهما « الإسلاميّة » المقدّسة جيلا بعد جيل، فهل من المنطقيّ أن نقبل اليوم بالمواقف الّتي اتّخذها أسلافنا إزاء هذه الصّراعات الدّامية – السّياسيّة جوهرا والدّينيّة ظاهرا -، والّتي ترجمت واقعيّا في نصوص عجائبيّة، أكتفي منها بهذه التّحفة الفريدة الّتي تصدر عن « الفطرة السّليمة » الّتي جبل عليها أشياع الفرقة النّاجية (وهي أبعد ما يكون عن الفطرة والسّلامة معا)، المجوّزة لكلّ المخارق والسّفاسف والحيل والتّلافيق، هذا نصّها: « هذا قبر الصّحابيّ الجليل حجر بن عديّ رضي اللّه عنه, قتله الصّحابيّ الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي اللّه عنه لأنّه تشيّع للصّحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ».
هل يستوي، في نظر كلّ من فيه ذرّة من عقل (أو من « فطرة » لمن شاء أن يجعل من الثّانية مرادفا للأوّل)، الظّالم والمظلوم، والجلاّد والضّحيّة، والقاتل والمقتول؟ كيف يصدّق عقل مؤمن باللّه العادل الحكيم أنّ هذا الإله يمكن أن يرضى عن معاوية القاتل وحجر المقتول في نفس الوقت وبنفس القدر، ويفتح لهما أبواب جنانه؟ كيف يمكن أن يتصوّر عاقل أن تتحوّل جريمة القتل إلى مكرمة يكافأ مقترفها بالثّناء والتّبجيل وواسع المغفرة؟ وما رأي عقل أشياع الفرقة النّاجية اليوم، عسكر الإسلام السّياسيّ المدستر، في المتحذلقين القدامى من أسلافهم الّذين ألهمتهم « فطرتهم » الرّاجحة أن يوصوا طلاّب السّلامة بالإمساك عن إدانة « القاتل » مع الإقرار بالفضل للمقتول، أو لمن كان المقتول يدين له بالولاء، يعنون به عليّا؟ كم أودّ لو يتفضّل رؤوس « الفرق النّاجية » بالرّدّ على سؤال تبادر إلى أذهان من صدمهم المنهج الفطريّ الإسلاميّ لابن حجر الهيثميّ، صاحب « الصّواعق المحرقة على أهل الرّفض والضّلال والزّندقة »، و »تطهير الجنان واللّسان عن الخوض والتّفوّه بثلب معاوية بن أبي سفيان »، هو التّالي: « هل عقل كهذا قادر فعلا أن يفرّق بين الحقّ والباطل، والصّدق والكذب، والخير والشّرّ كي ينظّم سياسيّا واجتماعيّا حياته؟ هل عقل كهذا قادر أن يختار وقادر أن يبني حضارة؟ »
هل من المنطقيّ والمعقول، كما تقرّره هذه الأحكام العجيبة، الّتي أملتها « الفطرة السّليمة » قديما وزكّتها « فطرة » الإسلام السّياسيّ السّنّي اليوم، أن يساوى في الثّواب بين القاتل وقتيله؟ وهل هذه المساواة الغريبة استثناء خصّ به اللّه صحابة مبعوثه وحبيبه، أم أنّها مثال ينسج على قياسه « الإسلاميّون » اليوم (من مختلف الفرق النّاجية المتناحرة) في حروبها المقدّسة؟ فإن صحّ أنّه امتياز عمّ به اللّه أصحاب رسوله من دون العالمين جميعا، فكيف يمكن تبرير أن يكون التّمييز هو قوام العدالة الإلهيّة، وما الّذي يمنع عباد اللّه، من قاصري الإدراك، أن ينسجوا على هذا المثال فيجرون التّمييز السّماويّ الاستثنائيّ مجرى العدالة في الأرض؟
أليس هذا الاستثناء بعينه، القائم على فكرة أنّ للعدالة الإلهيّة قياسا ليس من قياس أهل الأرض، هو الّذي اعتمده « الإسلام السّياسيّ المدستر » في ردّه القاطع الحاسم لمبدأ المساواة بين الذّكور والإناث في الميراث؟ فكما أنّ الرّجل لا يسأل فيما ضرب زوجته وإماءه وسراريه، فإنّ الشّريعة لا تسأل فيما فضّلت الرّجال على النّساء بالقوامة، وفيما سوّى الرّجل الواحد بامرأتين في الشّهادة، وبأربع في النّكاح، وبالآلة في الجهاد فرضيت للرّجال السّيوف واكتفىت من النّساء بأبضاعهنّ يبذلنها في سبيل مرضاته مجّانا لإخوانهنّ « الجهاديّين » المنقطعين لمقارعة أهل الشّرك، وأصحاب البدع، وعبيد الجاهليّة المتجدّدة
وكذلك كان سيكون ردّ « الإسلام السّياسيّ » (قبل تدستره وبعده) لو سئل عن حدود اللّه، لا يستثني منها شيئا، فكلّها شرّعت من منظور العدالة الإلهيّة لحكمة لا تدركها إلاّ بصائر أتباع الفرقة النّاجية، أصفياء الرّحمان الّذين عمّر الإيمان قلوبهم فغمرها بنوره فانقشعت عنها حجب الضّلال. وما على السّواد الأعظم من المسلمين إلاّ أن يحسنوا الظنّ برجاحة عقل من يؤكّدون اليوم على المنابر أنّ أمّة « إسلامهم » لا تجتمع على ضلالة. وقد تقرّر إجماع « علمائهم » قديما وحديثا أنّ العدالة لا تتحدّد على ضوء الأحداث المادّيّة، ولو بلغت في القسوة والشّطط حدّها الأقصى، ولكن تحدّدها النّيّات. وقد ثبت في صحيح الآثار أنّ عليّا ومعاوية وحجرا كانوا، في تناحرهم وتقاتلهم وتفانيهم، من ذوي النّوايا الطّيّبة الزّكيّة، اجتهدوا كلّهم في إرادة الخير، فأصاب بعضهم وأخطأ بعضهم الآخر، وقد قرّر العادل الحكيم لكلّ جزاءه: أجران للمصيب (ولا يجوز الحديث في حقّ علية القوم من كبار صحابة المصطفى عن مصيب ظرفيّ، فهم كلّهم من صنف المصيبين على الدّوام، وإن لم يكونوا من المعصومين، تمييزا لهم عن الأنبياء)، وأجر للمخطئ (ولا يجوز الحديث عن مخطئ في حقّ من اصطفاهم المصطفى لصحبته وتدوين وحي اللّه إليه، فهم كلّهم ممّن وقاهم اللّه عثرات الألسن والأيدي والقلوب فتنزّهوا عن الأطماع والأماني والأهواء والضّغائن الأحقاد، وإن لم يسلموا ممّا يعرض للأحياء من ضعف الطّبيعة ووهن العزيمة وضيق الصّدر)، فلا عجب إذن أن كتب اللّه الجنّة لهم جميعا، وتغاضى عن خطاياهم، الصّغائر منها والكبائر على حدّ السّواء
وللّه درّ أبي العلاء المعرّي، إذ كتب يقول إنّ الشّرّ أحسن الأشياء قسمة بين البشر، لا فضل لتقيّهم على فاسقهم، بل لعلّ هذا الأخير أقلّ دناءة وقسوة من الأوّل، وكلّهم في الشّناعة سواء، لا يشذّ منهم سلف عن خلف، وللسّلف منهم على الخلف فضل التّوحّش، يجيز من فواكه الويل ما لا يجيزه زماننا المتحضّر

يَحْسُنُ مَرْأًى لِبَنِي آدَمٍ

وَكُلُّهُمْ فِي الذَّوْقِ لاَ يَعْذُبُ

مَا فِيهُمُ بَرٌّ وَلاَ نَاسِكٌ

إِلاَّ إِلَى نَفْعٍ لَهُ يَجْذِبُ

أَفْضَلُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ صَخْرَةٌ

لاَ تَظْلِمُ النَّاسَ وَلاَ تَكْذِبُ

– 118 –

ماذا يمكن أن ننتظر من أمّة تنتظم صفوفا متوالية وراء « إمامها » الإسلاميّ المدستر عند كلّ نداء، لا يتخلّف عن نداء « الإمام » أحد؟ أليس في هذا « الإجماع » العجيب خروج على ناموس الإله الّذي نصّب « الإمام » نفسه له خادما؟ كيف نسي القطيع الطّيّع أنّ اللّه أكّد في محكم بيانه أنّه خلقه أمما وقبائل، ولو أراد له قدر السّوائم، كما يزعم « الإمام » الإسلاميّ اليوم، لكان صبّ البشر كلّهم في قالب واحد، ولكان أراحهم من لعنة الاختلاف والتّلاعن والاقتتال على مرّ الأحقاب والدّهور؟
لماذا يصوم المؤمنون عن نعمة أباحها لهم ربّهم عن طيب خاطر، لأنّه أدرى بجوهرهم من كلّ أحد، وانتزعها منهم وكلاؤه الإسلاميّون الدّستوريّون الّذين تمكّنوا باسمه من الأرض ومن فيها؟ فليختلفوا إذن، ولينتظموا فرقا وقبائل، وليذهبوا في الاختلاف كلّ مذهب، فتلك هي، لو يدرون، سنّة اللّه في الكون. وهم سيغضبون اللّه حتما ويكفرون بمنهاجه، من حيث أرادوا إرضاءه والالتزام بنهجه، إن حادوا عن سنّته وقدّموا مشيئة « الإمام » الإسلاميّ على مشيئته. ولذلك أقول إنّ من صام عن الاختلاف كفر. ومن لم يصم عن الإكراه كفر. وأقول كذلك إنّ من صام عن السّلام كفر. ومن لم يصم عن الجهاد كفر
يا مسلمي العالم اختلفوا ما وجدتم إلى ذلك سبيلا، لأنّكم إن لم تفعلوا أقررتم أنّ الإمام الإسلاميّ هو ربّكم، وأنّكم إنّما تسجدون، إذا سجدتم، لبشر مثلكم يزعم أنّه ينطق بلسان إلهكم، وينهي إليكم إرادته وشريعته. اسألوا رهين المحبسين عن هذا الشّأن، واسمعوا منه – إن أطقتم على جوابه صبرا – ما كان سطّره في كتابه منذ أحقاب من أخبار الملّة الإسلامويّة الّتي لم ترض لنفسها ما ارتضاه البشر لأنفسهم، فاشرأبّت بعنقها إلى سدرة المنتهى

مَا الْخَيْرُ صَوْمٌ يَذُوبُ الصَّائِمُونَ لَهُ

وَلاَ صَلاَةٌ، وَلاَ صُوفٌ عَلَى الْجَسَدِ

وَإِنَّمَا هُوَ تَرْكُ الشَّرِّ مُطَّرِحاً

وَنَفْضُكَ الصَّدْرَ مِنْ غِلٍّ وَمِنْ حَسَدِ

مَا دَامَتِ الوَحْشُ وَالأَنْعَامُ خَائِفَةً

فَرْساً، فَمَا صَحَّ أَمْرُ النُّسْكِ لِلأَسَدِ

بيني وبينكم الكتاب المبين، نقّبوا فيه ما استطعتم، وهاتوا لي منه حرفا واحدا يجيز لكم أن ترفعوا رجلا منكم إلى هذا المقام الّذي لا حقّ فيه لغير ربّكم الواحد الأحد. أليس في هذا التّبجيل لأناس منكم يمشون في الأسواق ويأكلون الطّعام نيل من مبدأ التّوحيد الّذي يميّز إسلامكم عن النّصرانيّة الّتي وصمتموها بالشّرك؟ فقد عبتم على النّصارى، لمّا عييتم عن إدراك معنى الأقانيم في ثالوثهم المقدّس، أن جعلوا للّه ندّين (الإبن والرّوح القدس)، وها أنتم جعلتم له، في أشخاص شيوخكم ودعاتكم ووعّاظكم ومشعوذيكم وخلفائكم ومقرّريكم السّماويّين ووكلائهم المحكّمين في أعراضكم وأموالكم وأهاليكم، آلاف الأنداد، يزعم اللاّحقون منهم أنّهم أنبياء ملهمون يرون في الكتاب ما لم يره فيه السّابقون

فرج الحوار

يتبع