في سيرة سيف بن أبي مُصعب الكهفي و فضائله

يوميات الحجر الصحي الموجه – اليوم الثالث عشر- السبت 16 ماي 2020

من أخبار إبداعات تونس المحروسة وما حل بها في زمن الكورونا
تونس في سنة 2120 : في سيرة سيف بن أبي مُصعب الكهفي

ومن الأحداث التي لا يزال يتردد ذكرها عن المحروسة تونس في ربيع سنة 2020 لما حل بها الوباء المعروف باسم « الكورونا » عند اطباء ذلك العصر والمكنى ب « الكورينا » عند شيخهم الذي ترأس مجلسهم في ذلك العهد بعد أن نجح في عقد كاذب مع أبي مقرونة . وحيث يذكر بعض الرواة (والعهد على الراوي) أن وافقت مدة البلاء الأعظم ظهور شخص عادت اليه الحياة وخرج من كهفه بعد أن ظن الجميع أنه متوفي منذ أيام الفتوحات الأولى بعد أن عاش في المحروسة ايام حملة العبادلة السبع. وقد اشتهر العائد باسم سيف بن أبي مُصعب الكهفي (نظرا لخروجه من الكهف بعد قرون طويلة من الزهد والاعتكاف ) . وقيل عصرئذ أنه ولد و ختن في المكان الذي سيعرف بعد أربعة قرون -زمن الولي الصالح محرز بن خلف – بالحفصية . ويقع هذا الحي على مرمى عصا من مئذنة مقام سلطان المدينة والتي يروى عنه من فضائل وكرامات أنه جعل من الحفصية رقعة محبة وتاخي بين الملل والنحل حيث تعاشر فيها أبناء ابراهيم من يهود و مسلمين. لكن لما ظهر ابن الكهفي من جديد في تونس المحروسة وهي تعاني من وباء « الكورينا » ذكرهم أنه من أهل السابقة في دخول ما كان يتخيل له أنه الإسلام الطاهر، وأنهم يجهلون تاريخ المحروسة ووضح لهم أنه عكس ما يشاع من طرف ايتام الافرنجة أنّه سابع من آمن بالروابط مفندا كل الروايات التي كانت تذكر أنه العاشر. ذكرهم أنه حل بإفريقيّة أيام صولات وجولات ابي عياض الأفغاني وشهد معه غزوات منوبة و المُنڨـالة والعبدليّة وغزوة السفارة وواقعة بطحاء الاتّحاد التي أبلى فيها البلاء الحسن رغم الهزيمة التي اصيب بها جيشه . وفي ايام ألكورينا عاد ابن مصعب الكهفي يفتعل المعارك باسم الجهاد ويبتلى على الناس ومن أشهر تلك المعارك «واقعة السروال» حيث أصابه الغمّ والأسى وظل يبكي أثتاء الليل وأطراف النهار حتى احترقت كبده وفاحت منها رائحة الشواء متذكرا أيام الفتوحات الأولى عندما قدم مع العبادلة السبع. كان حينئذ عبدا فقيرا زاهدا في الدنيا، لا يملك سوى ناقة صهباء يجوب بها ربوع إفريقيّة، داعيا أهلها إلى استرجاع قناطير «الملح» و »بوادين البترول » التي غنمها الرّوم في معاركهم ضد ملته بعد فشله في حملته المسماة « وينو البترول » في واقعة الكامور بعد أن لفضه أهلها بعد ذلك بعد ان تبينوا حقيقته . كان يتذكر بحرقة أيام بايعته قبائل إفريقيّة ليكون نصيرا وصوتا لها في مجلس الشورى الذي كان فيما قبل يعتبره دار كفر بسبب عمل المجلس بنظم الديمقراطية التي قيل له أنها صنع خبيث من تدبير « الأصلع الافرنجي » . و مما تذكره أيام كان جريحا أنه كان يرسل اتباعه لقطع جميع امدادات الملح على القوى الصليبيّة و كيف كان يدعوهم الى محاصرتهم ومحاصرة أتباعهم وعملائهم في لقمة عيشهم حتى أصابهم السقم والوهن والجوع. ومع ذلك استشرت في أرجاء إفريقيّة أصوات المُشكّكين في فتوحاته وانتصاراته على أعداء ملته وبات البعض يصفه بـ «سيف بن أبي مصعب المرخوف». ورغم ما حل بأبي مصعب وبجماعته من وهن الا أنه كان على العهد وظهر من جديد زمن ظهور الطاعون القاتل راغبا في الانتقام منه لما سمع أنه قادم من بلاد « الماو » الذين سبق له التصارع مع ملتهم راغبا الانتقام من فسقهم واستهزائهم به لطول المدة التي قضاها في الدرس الا أنه رغم ما كان لديه من أموال وعتاد شعر أن بابوره قد زفر ولم يعد يستطيع العيش في عصر غير عصره وتخيل أن نجاح المحروسة في مواجهة الوباء لن تترك له المجال مجددا للصيد في الماء العكر كما حصل ذلك في أيام الفتوحات الأولى وفي فترة حلول الوباء ففضل الانتحار حتى لا يكون فريسة بين ايدي من كان يعتقد أنهم أعداؤه من أهل الصحف التي كان ينعتها بالصفراء.
توفّي سيف بن أبي مصعب الكهفي ليلة الجمعة في العاشر من ذو القِعدة سنة ثلاثٍ وعشرين، وقيل سنة سبعٍ وعشرين، وقال أبو مزهود: سنة إثنان وثلاثين، ودُفن في مقبرة الرملة ومعه دُفن كيس من الملح اعترافا له بالجميل والعرفان في استرداد خيرات بني ملته من الصفويين التي نهبها اليهود والنصارى والصليبيّين …..» . و قد دعي لتأبينه يوم اثنين المقابل لخمس و عشرين من شهر رمضان المعظم أبو الثناء هيثم المكاوى وقد اشتهر هذا المفتي المهرج بإشرافه على مفتحات دار الفسيفساء الواقعة بالقرب من زاوية الشيخ المذكور في جبل المسرات القريب من ضفاف بحيرة تونس المحروسة. ومما جاء في تابين ابي الثناء ذكره لخصال سيف بن مصعب وكيف أنه كان من مريدي الشيخ المذكور يشتم أفكاره عن بعد و يأخذ بها على الطائر وكان يحرص في نفس الوقت على اتباع تعاليم الحجر الصحي من تباعد جسدي خاصة من نساء المجلس السافرات منهم بالخصوص رغم أنه رفض التصويت على التفويض لحكومة ذلك الزمان. ورغم علم ابي الثناء هيثم المكاوي بإخبار سيف بن مصعب وكيف أنه بقي لقرون طويلة معتكفا في الكهف مع اخوانه ومع حيوان أليف فانه تعفف عن ذكر اسمه لأنه لا يحب السوء لا في البشر ولا في الحيوان واكتفى بالتأكيد على رفعة أخلاق سيف بن أبي مصعب ووفائه للشيخ وخاصة في زمن الكورينا التي ابتليت بها تونس واصر أب الثناء في خاتمة التأبين أن تونس ستظل محروسة بفضل كرامات قطبيها سيدي محرز بن خلف وسيدي بلحسن الشاذلي وأدعية الولية الصالحة السيدة عائيشة المنوبية
جاءت سيرة سيف بن مصعب الكهفي في كتاب «إفريقيّة في أيّامها الذهبيّة» لأبي مسعود العسقلاني والذي قام بتحقيقه العالم الدالي العلوي التونسي ليخلد ذكر هاته الشخصية التاريخية التي جمعت بين الطهرية والحقد الدفين والجهل المقدس و الثورجية المثيرة للسخرية.

الدكتور حبيب القزدغلي

لقراءة كامل اليومية اضغط على هذا الرابط