« ما يكبر في دارك كانْ الـﭭـرع »

هذا مثل شعبي يطلقه التّونسيون على من تكبّر و تضخّم . يعيبون عليه تعاظمه و يذكّرونه بأنّ العظمة تكون لـِلـ »ـﭭـرع » و لا تليق بالبشر مثلما أنّ المخلاة تكون للحمير و لا تكون لبني الإنسان. و أنا من أعلم النّاس بعظمة « الـﭭـرع » لأنّي أصيل قرية مشهورة في البلاد بإنتاج الخضر عامّة و إنتاج « الـﭭـرع » خاصّة . و القرى المجاورة كانت، و لعلّها ما تزال، تعرّض بأهل سليمان في مناوشات مقابلات الجوار في كرة القدم بأنّهم المختصّون في إنتاج « الـﭭـرع »، لا سيّما و أنّ « الـﭭـرعة » في الاصطلاح الشّعبي في الكارطة و النّوفي و غيره هي كناية عن كلّ ما هو فارغ نخب هواء. و كان عزاؤنا في ما يقال لنا إنّ « الـﭭـرع » مولّد للذكاء. و الحقيقة التّي لا شكّ فيها أنّ « الـﭭـرع » نبتة ولاّدة و أنّ ثمرته تبلغ في عظمتها حجما لا يتصوّره خيال البشر و إذا هجمت صابة « الـﭭـرع » على ديار الفلاّحين و مخازنهم و أسواقهم انسدّت بها الآفاق و الأجواء حتّى قيل : ما يكبر في دارك كان الـﭭـرع

و لكنّ زوجتي جاءتني اليوم شاكية من غلاء سعر « الـﭭرع » الذي فاق 2800 م. الكيلو الواحد حتّى استحقّ أن نكسر له السّين بعد أن كان ثمرة عظيمة الجثّة رخيصة الثّمن فقلت في نفسي أنْ لا بدّ من مراجعة أمثالنا الشعبيّة بما يناسب العصر و مثلما بطلت هذه الاستعارة الشعبيّة فإنّ استعارات شعبيّة أخرى كثيرة في باب الخضر و غيرها تستوجب المراجعة و إلاّ فهل من حقّنا اليوم أن نقول في الشيء المتوفّر « هو مكدّس كالبطاطا » و حديثنا قياس

الدكتور الهادي جطلاوي