الرد على مبادرة كتلة ائتلاف الكرامة بمبادرة تشريعية بخصوص تنقيح القانون عدد 34 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 المتعلق بالمساجد
أطّلت علينا كتلة ائتلاف الكرامة بمبادرة تشريعية بخصوص تنقيح القانون عدد 34 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 المتعلق بالمساجد، في خروج تام عن نص الدستور وعن التراتيب الإداريّة المضبوطة بالبلاد التونسية وهو ما أكّد شعبويّة هذه المبادرة التي يتزعمها منتمي هذه الكتلة وجهلهم التام بالنصوص القانونيّة الجاري بها العمل.
إنّ قلعة الإتحاد التي ما انفكت هذه الكتلة تهاجمها، هي التي كانت سباقة للحصول على الحقوق للإطارات المسجديّة عبر الجامعة العامة للشؤون الدينية والتي إثر نضالات طويلة وجلسات عدة مع الوزارة وآخرها اعتصام الوجود الذي دام أكثر من أسبوعين أمكن لها تضمين العديد من الحقوق في الأمر الحكومي عدد 1228 لسنة 2019 المؤرخ في 24 ديسمبر 2019 المتعلق بالإطارات المسجديّة
وبالمناسبة ندعو كتلة الكرامة مستقبلا للاطلاع على النصوص القانونية قبل صياغة مشاريع القوانين وسنرفع عنها هذا الجهل بشرح ما خفي عنها وباعتماد الطرح المقدم من طرفها لمقارنته بالمعتمد من النصوص التي تنظم الفضاء الديني والذي تجاهلته المبادرة او جهلته
أولا : تم التطرق في الفقرة الأولى إلى : ما يشوب هذا القانون من نزعة مركزيّة تجعل من أي نشاط مسجدي خاضعا للترخيص من الوزير الأوّل، وهو أمر غير معقول من الناحية المنطقية وغير مقبول من الناحية الحقوقية
فأقول: يا أصحاب المبادرة ألم تسمعوا بوزارة الشؤون الدينية ألم تعلموا أنّ هناك القانون عدد 8 لسنة 1994 المؤرخ في 17 جانفي 1994 المتعلق بتحويل الصلاحيات المتعلقة بالمساجد إلى الوزير المكلف بالشؤون الدينية، والذي به ينتقل الترخيص من الوزير الأوّل إلى وزير الشؤون الدينية
أيها الجاهلون بالقانون ألم تعلموا أنّ وزارة الشؤون الدينية لديها إدارات جهوية يفوض لها هذه الصلاحيات منظمة بمقتضى الأمر عدد 2923 لسنة 2014 المؤرخ في 5 أوت 2014 المتعلق بضبط التنظيم الإداري وطرق تسيير الإدارات الجهوية للشؤون الدينية ومشمولاتها،
ألم تعلموا أنّ هناك وعاظ محليون على مستوى كل معتمدية يمثلون الإدارة الجهويّة للشؤون الدينية والوزارة ولهم ضمن اختصاصهم متابعة الأنشطة على مستوى معتمدياتهم
ثانيا: تحدثتم في الفقرة الثانية على أنّه : بقيت مسألة انتداب وإعفاء إطارات الشؤون الدينية خاضعة حصرا لهوى إدارة الشؤون الدينية دون أي معايير واضحة للانتداب ودون أي مراعاة لحق الدفاع عند العزل أو الإعفاء
فاعلموا أيها المبتدئون أنّ هناك دولة منظمة وليست رعوانية كما تريدونها -وتزعمون أنكم تريدون الإصلاح- وما عليكم إلا الاطلاع مجددا على الأمر عدد 2923 لسنة 2014 المؤرخ في 5 أوت 2014 المتعلق بضبط التنظيم الإداري وطرق تسيير الإدارات الجهوية للشؤون الدينية ومشمولاتها وخاصة الفصل 21 منه الذي ينص على إحداث لجنة اختبارات بكل إدارة جهوية تتولى اختيار المترشحين للخطط المسجدية، فاسألوا أهل الذكر فليس هناك هوى للإدارة الجهوية كما زعمتم فلجان الاختبارات على المستوى الجهوي يرأسها المدير الجهوي ويحضرها المتفقد الجهوي ومتكونة من واعظين محليين وإمامين خطيبين من حاملي الإجازة أو الأستاذية في العلوم الإسلامية على الأقل وإمام حافظ لكامل القرآن الكريم كما يتابعها ممثل عن نقابة الإطارات المسجديّة كملاحظ
هذا واعلموا أيضا أيها الحدثاء أنّ تسمية الإطارات المسجدية لا تتم اعتباطيا بل هناك اختبارات كتابية وأعداد تسند ويرفع الملف كاملا للإدارة العامة للإطارات المسجدية والمعالم الدينية والتفقدية العامة الدينية للتثبت قبل منحه القرار
أما فيما يخص « مراعاة حق الدفاع عند العزل أو الإعفاء » فنعلمكم أنه إثر نضالات أحرار قطاع الإطارات المسجدية الأشاوس تحت مظلة قلعة حشاد، خاصة ممن اعتصموا أمام الوزارة لأيام وليالي وافترشوا وناموا أرضا في حرّ أيام وليالي جويلية 2019 أصبح ذلك حقا مشروعا لهم
أيها المشرعون الجدد ندعوكم للاطلاع على الأمر الحكومي عدد 1228 لسنة 2019 المؤرخ في 24 ديسمبر 2019 المتعلق بالإطارات المسجدية وستجدون أنّ الفصل 9 منه بيّن أنه يمكن أن تسلط على الإطار المسجدي نفس العقوبات التأديبية التي تسلط على الأعوان الوقتيين الخاضعين لأحكام القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المشار إليه أعلاه
وباعتبار جهلكم بالقوانين سأذكركم بأنّ هذا القانون ينص في فصله 101 على أنّه تشتمل العقوبات التأديبية المنطبقة على الأعوان الوقتيين على
1- الإنـــذار
2- التوبيــخ
3- التوقيــف عن العمل مع الحرمــان من الأجر ولمدة لا تتجاوز شهرا
4- العــــزل
وينص الفصل 102 على أنّ رئيس الإدارة المعنية هو من يقرر العقوبات بناء على تقرير بحث بشأن الأفعال المنسوبة للعون وبعد الاستماع إلى هذا الأخير
ثالثا: تحمل فقرتكم الثالثة الكثير من الشعبوية عند الحديث عن التأجير دون المستوى ولا تتوافق مع ما تم اقتراحه من تعديلات بينما قلعة الإتحاد بفضل دعمها غير المشروط لنضالات الاطارات المسجدية هي التي ساهمت في مضاعفة منحة الإطارات خلال أقل من 3 سنوات من 200 دينار إلى 440 دينار ومازال العمل جار في الغرض كما أنّ الإتحاد هو الذي دفع نحو ضمان التغطية الاجتماعية للإطارات المسجدية بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية كما هو مبوب بالأمر الحكومي عدد 1228 لسنة 2019 المؤرخ في 24 ديسمبر 2019
رابعا: باقي الفقرات اتسمت بالجانب الإنشائي وبرز فيها وجود عبارة قانونية جديدة ومستجدة وهي « الكافة » فهل أنّ الدولة حسب الدستور في فصله 6 هي التي ترعى الدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي أم أنها « الكافة » المقترحة
فهل أيضا الدولة هي الملتزمة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وبحماية المقدّسات ومنع النيل منها، كما تلتزم بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف وبالتصدي لها أو أنّها » الكافة » خاصتكم
أمّا فيما يخص التنقيحات المقترحة فسأبسط الأمور لكم أيها الجاهلون بالقانون لجميع تنقيحات الفصول
– الفصل 5: كيف يجوز لإمام مهمته محددة ومحدودة بالأمر الحكومي عدد 1228 لسنة 2019 أنّ يقوم بدور الوعاظ الذين لهم سلك خاص ولهم هذا الجانب الإداري في حسن سير الأنشطة الدينية بمعتمدياتهم كما هو منصوص عليه بالأمر عـدد 3942 لسنة 2014 مؤرخ في 17 أكتوبر 2014 المتعلق بضبط النظام الأساسي الخاص بسلك الوعاظ ومرشدي الشؤون الدينية التابع لوزارة الشؤون الدينية
فهل من المعقول أن توضع تنصيصات بقانون تتناول الجوانب التنظيمية والتسييرية كتوثيق خطبة الجمعة والأنشطة بينما وقع التنصيص في الفصل 2 من الأمر الحكومي 1228 لسنة 2019 على أنّ تضبط الأعمال التي تندرج ضمن كل مهمّة من المهام الدّينيّة وكيفيّة أدائها وقواعدها بقرار من الوزير المكلّف بالشؤون الدينية
لنعد مرّة أخرى إلى عدم دستورية الفصل حيث أنّ « الكافة » التي استعملتموها لا يمكنها تعويض الدولة في مراقبة الخطاب الدّيني حسب الفصل 6 من الدستور
أما فيما يخص الفقرة الأخيرة منه فهي مضبوطة بالأمر المنظم لسلك الوعاظ والإدارات الجهويّة ولا تكون ضمن قانون
ـــ الفصل 5 مكرّر: بالنسبة للفقرة الأولى تم التطرق إلى ذلك بالأمر الحكومي 1228 لسنة 2019 وسيتم تفصيله بقرار وزير الشؤون الدينية
الفقرة الثانية تخالف النصوص القانونية ومبادئ الحوكمة والمساواة أمام القانون حيث يخضع اختيار الإطارات المسجدية إلى لجنة اختبار واختبارات كتابية ولا يمكن اقتراح أن تكون على هوى المصلين
الفقرة الثالثة تم التنصيص عليها بالأمر عدد 597 لسنة 1994 المؤرخ في 22 مارس 1994 المتعلق بضبط مشمولات وزارة الشؤون الدينية
ـــ الفصل 6: تم تنقيحه بحذف ترخيص الوزير الأوّل والذي أصبح ترخيص وزير الشؤون الدينية بمقتضى القانون عدد 8 لسنة 1994 المؤرخ في 17 جانفي 1994 المتعلق بتحويل الصلاحيات المتعلقة بالمساجد إلى الوزير المكلف بالشؤون الدينية، وهو تشريع للفوضى حيث يصبح بناء المساجد والجوامع دون أي ترخيص من الوزارة ويكون فقط من مصالح البلدية.
وكيف يا عباقرة القانون يتم بناء الجوامع على أرض فيها هبة لوزارة الشؤون الدينية دون ترخيص ومتابعة منها
ـــ الفصل 8: أصل الفصل المنقح أنّ تسيير شؤون الجوامع هيئة تسيير تابعة للوزارة الأولى يقع ضبط مهامها بأمر وقد أصبحت فيما بعد وزارة الشؤون الدينية بمقتضى القانون عدد 8 لسنة 1994 وتنقيحه يعني إلغاء هذه الوزارة
وعند الحديث عن الإمام الأوّل هل هناك نص قانوني يعطي مفهوم الإمام الأوّل وهل أنّ الدولة بهياكلها ووزارة وإدارات جهوية ومحلية سيتم إلغاء مهامها
وبخصوص باقي الفصل المتعلق بالإجراءات التأديبية فهي إجراءات ترتيبية وقع إقرارها بأمر حكومي
ــ الفصل 9: أتسائل في أي إطار قانوي سيتم قبول الهبات والأموال والتبرعات من طرف هيئة الجامع: هل ستكون في إطار جمعية، أو مؤسسة اقتصادية، أو مؤسسة عمومية أم ماذا؟
هذا ما تصدت له الدولة في إطار مكافحتها لتبييض الأموال والإرهاب في حين تريد هذه الكتلة النيابية تمريره للشعب التونسي
ــــ الفصل 10: حسب التنقيح أصبح إسناد ترخيص الدروس في الجامع أو المسجد من اختصاص إمام المسجد أو الجامع وهنا تطرح عديد الأسئلة: أوّلا هل هو إمام الجمعة أو الخمس؟ ثانيا هل سيكون الترخيص شفاهيا أو كتابيا؟ ثالثا هل أنّ مهام الأيمة أصبحت إدارية ونحن لا نعلم؟ رابعا هل سيتم إلغاء دور الواعظ المحلي وإشراف الوزارة على الجوامع وتصبح ملكية خاصة للأيمة يتصرف فيها كما يحلو له في حين أن الدولة مازالت تحارب الإرهاب
لقد بيّن مقترح هذا القانون جهل أصحابه للنصوص الجاري بها العمل وحشر أنوفهم في أمور خارجة عن اختصاصهم وتوقفت بوصلة معرفتهم بالنصوص القانونية لسنة 1988 للقانون عدد 34 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 المتعلق بالمساجد بينما قلعة الإتحاد ساهمت خلال السنوات الماضية عبر الجامعة العامة للشؤون الدينية في الرقي بالشأن الديني عبر تشريع الحقوق والواجبات للإطارات المسجدية والترفيع في تأجيرهم وهدفها ترسيمهم كموظفين في إطار محاربة التشغيل الهش
إنّ ما نخشاه ان يكون هذا القانون تشريعا للفوضى ولعودة الإرهاب والسيطرة على الجوامع والمساجد من طرف الجماعات التكفيرية وتبييض الأموال عبر ما يراد تمريره في إطار الشعبوية المعتادة
مقال من إعداد الجامعة العامة للشؤون الدينية