شكرا هالة الوردي

هالة الوردي لمن لا يعرف ذلك هي استاذة جامعية و باحثة في الحضارة العربية الإسلامية وهي منذ اصدارها سنة 2016اصداراتها كتاب « الأيام الأخيرة لمحمد » ما فتئت تبحث و تنقب في تاريخ فترة التأسيس للدولة الاسلامية وكان آخر اصداراتها

« Meurtre à la Mosquée »

وقد تناولت فيه حادثة اغتيال الخليفة الثاني للمسلمين اي عمر ابن الخطاب. وكما أثارت كتبها الثلاثة السابقة اهتمام القراء فان مؤلفها الأخير هذا أثار كذلك ضجة خاصة في ما بين غير المختصين .يمكن أن نختلف مع الباحثة حول فهم عبارة ما استقتها من مصادرها او حملتها اكثر ممّا تتحمل او أوّلتها في غير قصدها او أن نلوم المؤلفة على انها اقتصرت في مصادرها و مراجعها على المؤرخين والنسّابين العرب و المسلمين و حتى نشكك في حقيقة المعلومات التي استقتها من الطبري او الذهبي والجوزي والبلاذري وابن الأثير وغيرهم من المصادر و المراجع الكثيرة التي اعتمدتها

لكن ليس لنا الاّ أن نهنّئ الزميلة الأستاذةهالة الوردي على شجاعتها العلمية و على جسارتها في التصدي بالبحث في تاريخ اعتبره أصحابه مقدّسا لا يقبل التشكيك فيه وأفتوا أنّ التساؤل فيه يرتقي الى درجة الإثم و حتى الكفر.هالة الوردي في تناولها لموت الرسول محمد و ما حفّ من تسمية الخليفة الأول أبا بكر و تصارع المسلمين على السلطة وفي حروب متتالية و ما شرحته في شخصية عمر ابن الخطاب، هي قد « ضربت في اللحم الحي » لعقول جمّدها الجهل و أضحت ترى تاريخ الاسلام و العرب مقدّسا وصنعت له صورة ورديّة تمجّد أبطاله و أخرجتهم حتى من عالم الواقع واصبغت عليهم هالة من القدسيّة و الكرامات و كانت النتيجة هي ما عليه البنية الثقافية و الفكرية للشعوب المنتمية للتاريخ العربي و الاسلامي الآن و التي أضحت فيها شعوبها لا ترى اصلاحا في حاضرها الا بالعودة لماضيها و انجبت تلك الوحوش البشرية الرافعة لسيف الجهاد والتكفير لاعادة بناء دولة الخلافة و العدل الموهوم. هالة الوردي في كتابها هذا »اغتيال في المسجد » أعادت الخليفة عمر ابن الخطاب الى طبيعته البشرية ، فهو حاكم ككل الحكام سيّر دولته الناشئة و امّته كما فهم عقيدته وكما تربّى عليه في بيئته العربية الصحراوية وهو كذلك بشر يمكن أن يصاب بالخرف و حتى بالجنون ويمكن أن يكون عادلا وتقيّا وحتى رجلا عنيفا ومهووسا بعذاب القبر و بالموت

من يقرأ الكتاب بعيون المحب للمعرفة ودون أفكار مسبقة و حتى من غير المختصين لا يفوته الا أن يستمتع بقراءته وأن يحيي المؤلفة على نزاهتها العلمية وجهدها الجبار في التوثيق والإحالةالمدققة في كل ما أوردته من معلومات ويشكركها على تصدّيها بجرأة العالم لتحريك السواكين و رجّ العقول التي كلّستها قرون الجمود و التقليد و الجبن المتوارث

الأستاذ عميره عليّه الصغيّر