هل أتاكم سادتي حديث ما يسمى ب »شباب النهضة بالجامعة »؟ هل أتاكم حديث « ملتقاهم الأخير حيث اجتمع ما يسمونه « الفصيل الطلابي لحركة النهضة » لتكوين « الصف القيادي الأول في الجانبين السياسي والاقتصادي، وقد انعقدت هذه الدورة في الحمامات نهاية السنة المنقضية من 20 إلى 26 ديسمبر. بعد يومين كان النّاطق الإعلامي لحزب النهضة خليل قعلول على قناة التاسعة عشية 28 ديسمبر يؤكد أن الغنوشي ليس معنيّا بالتحوير الذي قد يسمح له بالترشح لرئاسة الحزب من جديد، مؤكدا أن الأزمة الداخلية لحركة النّهضة قد تم تجاوزها وانخفض بذلك التوتر داخلها. غير أن اللقاء مع نخبة طلبة النهضة كان دالا على تمسّك الغنوشي بالبقاء في قلب مستقبل الحركة لا في صورتها المتتونسة المجمّلة للتسويق العالمي بل في صورتها الأكثر تعبيرا عنها: حركة إخوانية مبدؤها الأول التي تنسج حوله بقية خيوطها: التوحيد والجهاد
لنوضّح للقرّاء أنّنا لا نعني بالتوحيد الشّهادة العفوية البسيطة لكلّ مؤمن بأنّه « لا اله الا الله ». بل نعني كلمة سرّ التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والذي تشترك فيه مع كل التنظيمات السلفية والجهادية والصحوية وصولا إلى داعش وما جاء بعدها، ولتضعوا على غوغل كلمات مثل حملة انتخابية للنهضة التونسية سنة 2019- أو ضعوا كلمة مؤتمر النخبة لشباب النهضة وستطالعكم صور الغنوشي يرفع سبابته اليمنى، رفعها أولا في الحملة الانتخابية، ورفعها في كل لقاء تقريبا يكون هدفه الحماسة وحشد الحشود ورفعها في صورة تجمعه بشابين من نخبة لقاء النخبة بالحمامات ورفع كذلك أحد الشباب ممسكا بيد الغنوشي سبابته اليمنى عاليا، ودُقّ « البندير » الذي يرمز الى آلة عزف يعتقد الاخوان انها حلال لانها دقت أيام الرسول الكريم وغُني عليها ذلك النشيد: » طلع البدر علينا ». ورفعت اعلام فلسطين رغم الحرج الذي سببه لهم موقف إخوان المغرب لقبولهم بالتطبيع وتلونهم مع المصالح. وخلاصة القول يمكننا أن ندرك ماوراء رفع سبابة التوحيد عاليا: إنها إشارة انتماء الى الجماعة التي يجمعها « التوحيد والجهاد » في سبيل إقامة « أمة الخلافة » حيث ترمز السبابة الى « الحاكمية الإلهية » أي إقامة أمر الله الذي يعتقد أنه مقدر حرفيا في « الشريعة » والذي يرمز إلى حكم الله وأمره وقدره والذي يتم حسب اعتقاد الإخوان على يد هؤلاء المصطفين المباركين أي على يد الغنوشي وكل من يقترب من « قداسته » و »بركته »
الغنوشي لا يزال يرسل دعوة التوحيد والجهاد سرا ورمزا والشباب الطلابي الصاعد لا يزال يعمل ضمن قيم الخلافة الدينية -رغم شعارات اللقاء ذات الطابع الاقتصادي في الظاهر – فلا تتونَسَ الفكر الاخواني فقطع مع دعوة الحاكمية التي يرفعها الاخوان في كل مناسبة ولا تتونَسَ الغنوشي ففهم أنّنا لن نقبل بدولة مدنية غايتها إقامة الأمة الفاضلة عبر الأسلمة الناعمة
إن توغل الفكر الاخواني وتشبثه بالتجدد على يد الجيل الجديد الذي يتم إعداده إعدادا حثيثا حاملا نفس التصوّرات التي لم تُراجع بعمق ولم تتجدّد بصدق ينذر بالخطر. فانتبهوا يا سادتي الكرام فخلف سبابة الغنوشي مخاطر حقيقيّة تهدّد جوهر العقد الاجتماعي الذي يجمعنا ويرسم لنا حقوقنا وواجباتنا كأفراد أحرار لا أتباع الشيخ المستظلين بظل بركاته الراجين شفاعته أو وساطته
تؤكد سبابة الغنوشي لكلّ عليم بالأيديولوجية الاخوانية انه فكر عقيم له ألف روح تَقطع له روحا ينبت له روح جديد فالمطلوب الآن مقاومة الأسلمة السريّة وكلّ قيمها الخفيّة المنتشرة في خلايا الدولة والمجتمع وللأسف الشديد محطة الانطلاق لهذه الأسلمة الجديدة الجامعة التونسيّة. وللحديث في هذه النقطة بقيّة
زينب التوجاني