ينظر ولا يرى.. يسمع ولا ينصت.. يتكلّم ولا يقول شيئا.. يسير في خط واحد غير مستقيم، يصنّف، يقسّم، يتّهم، يخوّن، يحرّض
ألا صبرا آل تونس فإن موعدكم أرض المختار، جنّة البناء القاعدي، حيث البطون خاوية، والعقول فارغة، والروح في هاوية، والأفكار ملتبسة، والنوايا مسمومة، والوعود لا تسمن ولا تغني من جوع
بأي مادة سيطهّرنا الطاهر الأكبر؟
وبأي مبيد سيُبيدنا التقي سيّد النقاء؟ وبأي سلاح ستُجلينا منصّة صواريخه المتأهّبة!؟
أبمكاتيبه المقدّسة أن يُفجّر أنهار الفردوس لشعبٍ لم يعد يريد شيئا سوى بعض القوت والكرامة!.. يكتب ويكتب ويقول كن، فلا يكون شيئا غير المزيد من التسويف وبيع الأوهام.. وهل أجد كلاما غير الخراء لتوصيف واقع أكثر خراءً في زمن الغلاء والوباء والجوع والكفاف والخواء والغباء يا صانع الخراء؟
نصّب نفسه فاروق العصر، وحاكما بأمره المقدّس، وكأنّنا رعاياه في زمن المواطنة المنكوبة.. نخطئ ويصيب، نخون ويؤتمن، يعرف ويدري ويدرك ويفقه ويحيط علما بكل أسرار الأرض والسماء.. أمّا نحن فكلّ ما نعرفه أنّنا لا نعرف شيئا عن يومنا وغدنا الآتي وعن مستقبلنا ووطننا.. وكأنّ الحلم قد استحال حبلا سرّيا مشدودا بصُلبه، إن تحرّر منه غرق في غياهب البحر، وإن لم يتحرّر اختنق في هدير الأمواج العاتية
أن تعيش هنا، هو أن تختنق في الأرض وفي البحر وتغلق فمك وتطأطئ رأسك لمصنع الخراء
لبس جميع الطرابيش والقبعات وأمسك بكل السلطات ولم يعرف بعد من أخفى عنّا السكّر والبنزين، فتركنا نحترق غرقا بين أمواج المتوسّط المتلاطمة.. لم يشفع لنا البحر ولم ترأف بنا الأرض وظلّت السماء الزرقاء رمادا في عيوننا وساء سبيلا
سيماء المزوغي