ما إن خرجت من المنزل هذا الصباح قاصدا كلّيّة الآداب بمنوبة حتّى رأيت جاري يمشي مثقلا بقفّة سعف عملاقة، يغالبها فتغلبه، يصارعها فتكاد ترديه طريحا، أوقفت السيّارة، فالجار قبل الدار، دعوته للصعود فصعد وقد زادته الكمامة ضيق نفس بعد أن تعاونّا على الرمي بالقفة المغطّاة في الكرسيّ الخلفيّ
أعلمني أنّه يبحث عن تاكسي للذهاب إلى باردو، فأخبرته أنّ مقصده طريقي، فدعا لي ولوالديّ وسلالتي الأولى، تبادلنا حديث اليوميِّ حتّى ذكر لي أنّ المشاكل تجري وراءه، وأنّه مهدّد بالسجن في كلّ لحظة، سألته مستغربا عن التفاصيل فامتنع، حزّ ألمه في نفسي، فجاري يتألّم والحيّ لا يعلم
ما إن مررت بمجلس النوّاب حتّى ترجّاني الوقوف، أوقفت السيّارة، وتعاونّا على إنزال القفّة التي تعرّى جانب منها، لاحظ أنّني رأيت السلعة، قال في أسف : » تعرف سي توفيق، الحقيقة أنّي ماشي توّا لمكتب الضبط في مجلس النوّاب »، قلت مستغربا : « لاباس؟ ! « ، أردف وهو يعرّي القفّة كاملة : « ماشي نرجّع مقرونة قلب تونس، خايف من الحاكم يجبدني في البحث« ، بقيت واجما لا أحرّك ساكنا حتّى استأنف: وعندي في الدار زوز قفف أخرين حاضرين، احتياط، إلّي يتشدْ نرجعلو متاعو،: قفّة معبية كسكروتات، وقفة شوكوطوم
توفيق العلوي