شريط « صراع » على قناة الزيتونة شريط : بروبقندا

تفرّجت بالأمس على قناة الزيتونة و بمحض الصّدفة على شريط « صراع » الذّي واجه عند صدوره رفضا للعرض في مسابقات أيّام قرطاج السّينمائيّة و رفضا للعرض بدور السّينما و الذّي شقّ إلى الجمهور طريقا شاقّة انفتحت له تدريجيّا حتّى تمكّن من أن يعرض نفسه على القنوات التّلفزيّة و أن يقتحم بيوت النّاس مجانا في هذه الأيّام الحسّاسة في خضمّ الحملتين الانتخابيتين الرئاسيّة و البرلمانيّة
و شريط « صراع » شريط يروي عذاب المعارضة السيّاسيّة زمن حكم ابن عليّ و يحكي المآسي و أصناف التّعذيب التّي عاشتها المعارضة حكاية مفصّلة في الحرّيات و الأجساد و العائلات و غيرها. و مثل هذا الشريط الوثائقيّ ضروريّ و مفيد لو كان أمينا و موضوعيّا و عميقا في وصف هذه اللّحظة التّاريخيّة الهامّة من حياة تونس. ذلك أنّ هذا الشريط لم تهمّه المعارضة في حدّ ذاتها و إنّما سلّط الأضواء على المعارضة الإسلاميّة أساسا و تابع الشريط مصير بطل نهضاويّ في مواجهة حكم ابن عليّ و لم تكن إشارته العابرة إلى غير الإسلاميين من المعارضين إلاّ ضربا من ذرّ الرّماد في العيون
فكان هذا الشريط شريط « بروباقندا » لحركة النّهضة و أنا لا أستبعد أن تكون هي المموّلة لإنجازه. و لئن كان من حقّ الشريط أن ينوّه بنضالها فقد كان من حقّنا عليه أن يعرّفنا بمشروعها الذّي تدافع عنه و بالسّبل التّي تتوخّاها في الدّفاع عن مشروعها و الإقناع به و الدّعوة إليه. ذلك لأنّها لم تكن وحدها تواجه دكتاتوريّة ابن عليّ و أنّ غير التّجمعيين لم يكونوا أقلّ منها استماتة في النضال و إن اختلفت الغايات و الوسائط. و لعلّنا بذلك نفهم الرّفض الذي واجهه هذا الشريط في عرضه في المحافل الرّسميّة و الشّعبيّة، فهو لا يعدو أن يكون شريطا دعائيّا للإسلاميين مغالطا للرأي العام فيما يتظاهر به من الالتزام بالوثائقيّة التّاريخيّة و فيما يحمله عنوانه الفضفاض من التّعميم (صراع). و إنّ عرضه بالأمس على قناة الزيتونة في خضمّ الحملات الانتخابيّة أبعد ما يكون عن العمل التلفزيّ الموضوعيّ البريء

الدكتور الهادي جطلاوي