ردّ على مكتوب السيّد عبد الحميد الجلاصي
لقد اطّلعت على ما دوّنه السيّد عبد الحميد الجلاصي إثر أحداث 26 أفريل 2019 بكليّة الآداب بمنوبة. و الرّأي عندي، دون الدخول في التفاصيل، أنّ هذا الردّ لا يعدو أن يكون ردّا متوقّعا من متحزّب فاعل في الساحة السياسيّة مغتنم لهذه الحادثة لكسب نقطة أو نقاط في الصراع السياسي الدّائر في لحظة انتخابيّة حاسمة من واقعنا المرير
و أريد بهذه المناسبة أن ألتمس باسمي و باسم الجامعييّن غير المتحزّبين من السيّد عبد الحميد الجلاصي و من أمثاله في كلّ ما هبّ و دبّ من الملل و النحل الحزبيّة المتناسلة في بلادنا أن يرفعوا أياديهم و كلاكلهم عن الجامعة. و ربّما بدت شهوتي هذه من المطالب السّاذجة الطوباويّة و لكنّي أذكّر بما كان للجامعة من استقلاليّة و حرمة و اعتبار في العهد البورقيبي و أذكّر بالنضال الجامعي في وجه التدخّل النوفمبري في شؤون الجامعة و أذكّر بأنّ الدكتاتوريّة النوفمبريّة قد حوّلت الجامعة يومئذ إلى متنفّس للأحزاب قد وظّف الطلبة في تشكّلات نقابيّة و حزبيّة متصارعة تحوّلت بسببها الجامعة إلى ساحة وغى كان ضحيّتها انتظام الدّروس و حرمة الجامعة و سلامة التكوين و البحث العلمي. و كنتُ توهّمتُ أنّ التعدّد الحزبي بعد الثورة المجيدة سيرجع الأمور إلى نصابها و سيُحرّر ساحة الجامعة من اللغط السياسي و سيحيله على الساحة الحزبيّة لتتمحّض الجامعة للعلم و المعرفة. و إذا برجال السياسة من أمثال السيّد عبد الحميد الجلاصي و عليّ العريّض لا يكفيهما الفعل في الجامعة عن بُعد حتّى يمثلا بأجسامهما داخلها مثولا سياسيا لم يسبق له مثيل في سابق الدكتاتوريات. فهل هؤلاء السّاسة الأبرياء المساكين من السذاجة بحيث لم يكونوا يتوقّعون ردود الفعل على اقتحامهم حرم الجامعة ؟؟؟ ألم يكن حضورهما مدروسا ؟؟ أوَلم تكن « البروباقندا » من ذلك في ظنّهما مضمونة ؟؟ الخ. و لو كنت مسؤولا لمنعتهما من الدّخول احتراما لهما و احتراما للجامعة
فليكن رجل السياسة فاعلا في الساحة و ليكن كاتبا و مفكّرا فهذا حقّه و واجبه و ليُفسح المجال للنقد و العمل الجامعي يقيّم أقواله و أعماله و هذا حقّه و واجبه بعيدا عن الحضور الدّعائي المُلجم و المثير الزائغ بالجامعة عن مهمّتها النبيلة
الدكتور الهادي جطلاوي عميد كلية الآداب بسوسة سابقا