يُطرق الحديد ساخنا يا سيادة الرئيس

ترتفع الأصوات من جهات داخليّة و خارجيّة في وجه رئيس الدّولة تحذّره من الانقلاب على الشرعيّة و الانفراد بالسلطة و عدم احترام حقوق الإنسان و تصدر من رئيس الدّولة الطمأنة بأنّ قراره المجمّد للسلطتين التشريعيّة و التنفيذية قرار استثنائي وقتيّ ظرفيّ لن تلبث الحياة السياسيّة بعده أن تستعيد مجراها الطبيعيّ

إنّ القائلين بالانقلاب يطمعون، من وراء وعيدهم، فِعلا، أن تعود السياسة في البلاد إلى وضعها السّابق و أن تدعى الأحزاب القائمة إلى انتخابات سابقة لأوانها بتمشكية جديدة للأوراق ببكارة جديدة و أسماء جديدة للمنظومة نفسها تُوهِم بالجِدّة . و عندئذ لا يكون مآل مبادرة رئيس الدّولة سوى الفشل

لقد حانت اللحظة القاطعة لتصحيح المسار السياسي في تونس. و لئن فرض السيسي في مصر تصحيح المسار بقوّة السلاح فنحن تتاح لنا اليوم فرصة ثمينة لفرض هذا التصحيح بقوّة العقل. و العقلاء مجمعون في بلادنا على التخلّي عن شراء الذمم بصكوك التوبة أو « بُونُوَات » الخبز الأسود. قال تعالى : و لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا و إيّايَ فاتّقونِ
و إذا كان هذا الانقلاب على الفاسدين لحظة استثنائيّة وقتيّة تتوقّف فيها دواليب الحكم وجب على رئيس الدّولة أن يضرب الحديد ما دام ساخنا. و قد مضت أربعة أيّام من انطلاق العدّ التنازلي و لم نر رئيس الدولة يعيّن حكومته بعد و لم نره يضع يديه في الملفّات الحارقة التّي خاف سابقوه من الاكتواء بها و تحمّلها هو بكلّ شجاعة. إنّ تراخي الأيدي أو ارتعاشها في هذه اللحظة الحاسمة يعيد الأمل إلى المنظومة الفاسدة و يفلّ في الإرادة الشعبيّة المساندة و يغري الشرّ المحدق بالبلاد بإعادة الركوب على الحقّ

فإذا بان الحقّ فتوكّل على الله (و على الشعب). إنّ الله يحبّ المتوكلّين

الدكتور الهادي جطلاوي