المرة الوحيدة التي التقيت فيها بالغنوشي كانت سنة 1981. كنت في بداية مسيرتي كصحفي وأعمل في جريدة « الرأي » المعارضة. وحضرت الندوة الصحفية التي نظّمها راشد الغنوشي صحبة عبد الفتاح مورو وحميدة النيفر والتي تمّ خلالها الإعلان عن انشاء « حركة الاتجاه الإسلامي » التي أصبحت تُسمّى فيما بعد بحزب : حركة النهضة
الندوة الصحفية أُقيمت في شقة تقع في الطابق الثاني بأحد أنهج العاصمة (نهج شارل ديغول، إذا لم تخني الذاكرة). ولقد أثارت انتباهي قبل دخول الشقة لوحة صغيرة على باب الشقة المجاورة كُتب عليها اسم صاحبها، وهو اسم عائلة يهودية
عندما أعطى الغنوشي الكلمة للصحافيين، سألته السؤال التالي
لك جار في نفس الطابق، يهودي، تونسي أبا عن جد. فمن الأقرب إليك، هذا الجار أم رجل مسلم من اندونيسيا لا تعرفه؟
فأجابني الغنوشي : أخي في الإسلام طبعا
عندها تيقّنت أنه ليست لديه ذرة وطنية، وأن تونس العزيزة لا تُساوي شيئا له
تذكّرت هذه القصة عندما اطّلعت على نص الدستور الجديد، وقلت في نفسي: هنيئا لك يا غنوشي. ها أن تونس ذابت في « الأمة الإسلامية »، وأن غير المسلمين فيها أصبحوا مواطنين من درجة ثانية
آه، نسيت. رأيت الغنوشي مرة ثانية وأخيرة، سنة 1994، أثناء الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. ولست أدري من الذي دعاه لحضور أشغال ذلك المؤتمر. قد يكون المنصف المرزوقي
ورغم أني كنت من أعضاء المؤتمر، فقد غادرته في اللحظة التي شاهدته فيها وهو يدخل القاعة
منير الشرفي