هل نحن في حاجة إلى يدٍ تصْفَعُ خَدَّ مولانا الجميل رطب المَلْمَسْ ؟

عَزَّرْنِي واضْرَبْ بالكَفْ

يجلس أغلبنا كل مساء أمام التلفزيون، على أمل سماع ما ينسينا أوجاعنا التي استوطنت بيوتنا منذ عشر سنوات … بعضنا أسعده ما وقع لماكرون وتمنى أن تصل ديمقراطيتنا إلى ما وصلت إليه ديمقراطيتهم هناك، وأن يصرخ فرحا بصفعة على خد أحد حكامنا الثلاثة…وكأن صفع مسؤول سيعيد إلينا بعض ما كنّا فيه وبعض ما خسرناه منذ عشر سنوات…وكأن صفع أحد حكامنا سيعيد نسبة النمو إلى ما فوق الصفر…وسيقضي على البطالة…والتهميش…ألم يخرج علينا تتار « الربيع العربي » ليصفعوا كل من كانوا يجلسون على كراسي السلطة وطنيا وجهويا ومحليا فماذا كسبنا مما أتوه…لا شيء غير الخراب…ولا شيء غير المزيد من العذاب…نحن لسنا في حاجة إلى يد تصفع خدّ مولانا الجميل ورطب الملمس، المعطّر بآخر ما أنتجته معامل « جيفانشي للعطور » بباريس، والمطلي بــ »كريم » تجديد خلايا البشرة… ولسنا في حاجة إلى صفعة تنزل بردا وسلاما على خدّ أحد سكان قصور حكمنا، فلو فعلها أحدنا لحاكموه بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى…ولخرج علينا الناطق الرسمي وغير الرسمي لحكومتنا العرجاء ببيان دامع يقول فيه أن حكومتنا أبقاها الله نجحت في تفكيك خليّة إرهابية تمولها قوى أجنبية معادية للديمقراطية، والقبض على أحد عناصرها والاستحواذ على سلاحه « الكلاشنــ »كفّْ » وهو بصدّد زرع ألغام على خدّ مولانا الضامن الأكبر والأوحد لفطورنا و عشانا

أعود لأقول نحن لسنا في حاجة إلى يد تصفع أحد حكامنا…فنحن شعب يُصفع كل يوم على خدّه الأيمن…ليعود مساء طالبا العدل من جلاّده ليصفع الخدّ الايسر في إطار القطع مع التهميش وإحياء مناطق الظلّ…والذُل…نحن شعب لم يتعلّم من الصفعة الأولى التي حطّت على أرض خدّه مع سبق الإصرار والترصّد فأضرّت بفكّيه …نحن شعب لم نتعلّم من الخراب الذي كنّا سببا فيه، بتخاذلنا وقبولنا بما وقع لنا ومعنا…نحن شعب لم نقرأ جيدا كتب التاريخ التي تقول أن الفشل والتسلط لا يصنعان دولا تُسعد شعوبها وتسْعدُ بشعوبها… مهما كانت الشعارات التي يرفعها حكامها….ومهما كانت الأكاذيب التي ينشرونها بين شعوبهم… نحن شعب فقد الذاكرة …وفقد الإحساس بالخجل…فنحن الشعب الوحيد الذي يصدّق حكامه حين يتحدثون عن الفضيلة…والعدالة والديمقراطية وعن مقاومة الفساد…نحن شعب فقد النطق يوم وجب النطق…نحن الشعب الذي جلس منذ عشر سنوات على عتبة منزله الآيل للسقوط يشاهد كيف ينتج قادته الجدد استبداد جديدا على مقاسهم…فكل من انتخبناهم …ومن أجلسناهم على كراسي الحكم…وتحت قبّة باردو منذ عشر سنوات يصرّون أنهم لسان الشعب بقولهم « شعبنا »…ويصرخون عاليا بأنهم مفوّضون من الشعب …لإلغاء الشعب وصوت الشعب وما يريده الشعب…هؤلاء نسوا أن السياسة هي فن خدمة الشعوب لا فن التلاعب بمصالح الشعوب…في الأخير…نحن شعب يطرب لسماع جلاده يغني « عزرني وأضرب بالكفّ » مع تحياتي للصديق منصف عبلة ولد بلادي

سلامة حجازي