قالت منظمة « هيومن رايتس ووتش » يوم الجمعة 15 سبتمبر 2017 إن السلطات السعودية اعتقلت عشرات الأشخاص، بينهم رجال دين بارزين، في ما يبدو أنها حملة قمع منسقة ضد معارضين. تأتي هذه الحملة بعد 3 أشهر من تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد في حزيران/يونيو 2017
حملة الاعتقالات التي، بحسب تقارير، طالت سلمان العودة وعوض القرني وأكثر من 10 آخرين منذ 10 أيلول/سبتمبر، هي الأحدث في حملة القمع المستمرة ضد معارضين، بينهم ناشطون وصحفيون وكُتّاب سلميون. أعلن الكاتب البارز، جمال خاشقجي، منع جريدة « الحياة » إياه من كتابة عمود الرأي الذي يساهم به بانتظام
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: يبدو أن لهذه الاعتقالات دوافع سياسية، وهي علامة أخرى على أن محمد بن سلمان غير مهتم في تحسين سجل بلاده في حرية التعبير وسيادة القانون. ستضيع الجهود التي يبذلها السعوديون لمعالجة التطرف هباءً إن بقيت الحكومة تسجن كل شخص بسبب وجهة نظره السياسية
في 12 سبتمبر/أيلول، بدا وكأن « وكالة الأنباء السعودية » تؤكد عمليات الاعتقال، حيث أشارت إلى قيام « رئاسة أمن الدولة »، الوكالة الجديدة لمكافحة الإرهاب في البلاد، « رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية ». أضافت أن المجموعة تضم سعوديين وأجانب
كان العودة والقرني عضوين بارزين في حركة « الصحوة » مطلع التسعينات، والتي انتقدت قرار السعودية السماح للجيش الأمريكي بدخول البلاد لحمايته من الغزو العراقي المحتمل. سجنت السلطات العودة من 1994 إلى 1999. دعا العودة، منذ عام 2011، إلى مزيد من الديمقراطية والتسامح الاجتماعي، فيما أعلن القرني في مارس/آذار منع السلطات إياه من الكتابة بعد إدانته بإلحاق الضرر بالنظام العام
أشارت « رويترز » إلى رجال الدين هؤلاء لم يدعموا السياسات السعودية بما يكفي، بما في ذلك عزل السعودية والإمارات ومصر لقطر. ذكرت صحيفة « وول ستريت جورنال » أن الاعتقالات قد تكون متصلة بتحضير السلطات السعودية لتنازل الملك سلمان عن العرش لصالح ابنه محمد بن سلمان
لم تكشف السلطات السعودية عن أسباب محددة للاحتجاز، لكنها تتناسب مع نمط انتهاكات حقوق الإنسان ضد المناصرين والمنشقين السلميين، بما فيها المضايقات، الترهيب، حملات التشهير، حظر السفر، الاحتجاز والملاحقة القضائية
مُنع خاشقجى من الكتابة سابقا. كانت آخر مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بعد أن ذكرت وكالة الأنباء السعودية أنه لا يمثل حكومة المملكة بعد انتقاده دونالد ترامب في عرض قدمه في واشنطن 10 نوفمبر/تشرين الثاني
أدانت المحاكم السعودية ما لا يقل عن 25 ناشطا ومعارضا بارزا منذ 2011. واجه كثير منهم أحكاما بالسجن 10 أو 15 سنة بموجب مجموعة تهم فضفاضة تهدف إلى تجريم المعارضة السلمية، مثل « الخروج على ولي الأمر » و »جلب الفتن » و »تحريض الرأي العام » و »إنشاء جمعية غير مرخص لها »، وأحكام غامضة من : قانون مكافحة جرائم المعلوماتية
منذ 2014، حاكمت السلطات السعودية كل المعارضين تقريبا في « المحكمة الجزائية المتخصصة »، محكمة قضايا الإرهاب في السعودية
اعتقلت السلطات وحاكمت جميع الناشطين المرتبطين بـ « جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية »، إحدى أولى المنظمات المدنية في السعودية، والتي كانت تدعو إلى إصلاح سياسي واسع في تفسيرات الشريعة الإسلامية. حلّت محكمة سعودية المجموعة رسميا وحظرتها في مارس/آذار 2013. واجه أعضاؤها اتهامات غامضة مماثلة، بما فيها ذمّ السلطات وإهانة القضاء وتحريض الرأي العام وإهانة الزعماء الدينيين، والمشاركة في تأسيس جمعية غير مرخص لها، وانتهاك قانون جرائم المعلوماتية
من بين الناشطين والمعارضين السعوديين الذين يقضون حاليا عقوبات سجن طويلة تستند فقط إلى نشاطهم السلمي: وليد أبو الخير، محمد القحطاني، عبد الله الحامد، فاضل المناسف، سليمان الرشودي، عبد الكريم الخضر، فوزان الحربي، رائف بدوي، صالح العشوان، عبد الرحمن الحامد، زهير كتبي، علاء برنجي، ونذير الماجد. اعتقلت السلطات السعودية الناشطَين عيسى النخيفي وعصام كوشك، وهما قيد المحاكمة. في أواخر يوليو/تموز، أيدت محكمة استئناف سعودية حكما بالسجن 8 سنوات بحق عبد العزيز الشبيلي. أما محمد العتيبي وعبد الله العطاوي، فهما حاليا قيد المحاكمة بتهمة تأسيس منظمة حقوقية عام 2013
قالت ويتسن: تُظهر الأحكام المُستهجَنة ضد الناشطين والمعارضين السلميين غياب أي تسامح من السعودية تجاه المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم بخصوص حقوق الإنسان والإصلاح
بيان صحفي صادر عن هيومن رايتس ووتش
******
كشف أسباب اعتقال سلمان العودة وعوض القرني و يوسف الأحمد وباقي “الخلية” الاستخبارية
كشفت حسابات إخبارية سعودية غير رسمية تفاصيل مفاجئة عن حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت دعاة ورجال دين بارزين، وأشخاصًا يعملون في قطاعات مختلفة بتهمة النشاط الاستخباراتي والعمل لصالح دول معادية لبلادهم
وتكتسب تلك التسريبات أهميتها كونها صادرة عن حسابات سعودية مشهورة ويتابعها الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان لها السبق في الكشف عن هوية الدعاة ورجال الدين الذين تم اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية، قبل أن تعلن رئاسة أمن الدولة السعودية في بيان رسمي لها الثلاثاء الماضي القبض على عدد من الأشخاص الذين يعملون لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة
وتسرب خبر اعتقال الداعية السعودي البارز، سلمان العودة، كأول من ألقي القبض عليه، في حين سربت أنباء عن كون سبب اعتقاله يرتبط بالأزمة الخليجية الحالية وانحيازه للدوحة في الأزمة، التي تقاطع فيها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطر وتتهمها بدعم الإرهاب
لكن أحدث التسريبات في قضية الاعتقالات الأخيرة، كشفت عن أن الإعلام القطري وفي مقدمته قناة “الجزيرة” هي من روجت لكون اعتقال العودة ودعاة آخرين يرتبط بموقفهم من الأزمة الخليجية، وصورت لمتابعيها ومشاهديها أن الاعتقال جاء بسبب صمتهم وعدم إعلانهم الوقوف بجانب الرياض في الأزمة
وتقول حسابات إخبارية سعودية على موقع “تويتر” بينها حساب “موجز الأخبار” وحساب “خالي اليمامة” اللذان يقدمان معلومات سرية على الدوام ما يلبث أن تتضح صحتها، إن : بعض المقبوض عليهم تلقوا دعمًا ماليًا بنحو 2 مليون دولار عام 2012، ووزارة الداخلية أبلغت المقام السامي بذلك، والأموال التي حصلوا عليها ما زالوا يملكونها، ولا يمكنهم إدخالها للبنوك السعودية لخضوعها للمراقبة الشديدة
وكشفت الحسابات: أن 12 شخصية من أعضاء الخلية قبلوا الجنسية التركية والقطرية معًا دون إشعار الجهات المختصة في المملكة، ويمتلك 9 من أعضاء الخلية شققًا سكنية فاخرة في تركيا والبوسنة دون تحرك لحساباتهم البنكية المحلية
وأوضحت في تغريدات أخرى أن “قطر تودع الرواتب والحوافز شهريًا لأعضاء خلية التجسس في بنكي فينانس التركي تمتلكه بنسبة 98.81 % برأس مال 3 مليارات دولار”، وقد تم “رصد اثنين منهم في لقاء معد مع وزير خارجية قطر بتاريخ 13/07/2017 يوم الخميس الساعة الخامسة والربع مساء”.
وكشفت تغريدات أخرى أيضًا أن : الدولة لديها صور وفيديو بإثبات حمل أعضاء الخلية أجهزة بلاكبيري المتطورة من قطر والمتميزة بحماية البيانات والمحصنة ضد التجسس
وأوضحت التغريدات أن “مركز ضيافتهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة بتركيا في فندق رتاج رويال خمس نجوم في حي غونسلي في اسطنبول العائدة ملكيته لقطر”، وقد تم : رصد تحركات بعضهم بالصور والفيديو وتنقلاتهم بسيارات تركية ومرورهم بسرعة فائقة من نقاط تفتيش دون توقف للقاء شخصية هامة على ما يبدو
وإلى حين صدور بيان رسمي من رئاسة أمن الدولة حول تفاصيل تلك العملية الأمنية التي طالت دعاة معروفين مثل سلمان العودة وعوض القرني و يوسف الأحمد، تبقى تلك المعلومات التي تم كشفها تباعًا منذ يوم الخميس، هي المصدر الأكثر ثقة حول القضية التي تشغل السعوديين
ولا يمكن لـ “إرم نيوز” التأكد من صحة كل ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين يؤكد إعلاميون وكتاب سعوديون وباحثون في مجال الأمن، صدور بيان توضيحي من رئاسة أمن الدولة في الفترة المقبلة لكشف تفاصيل الخلايا الاستخباراتية
وقال الباحث الأمني السعودي البارز، الدكتور محمد الهدلاء، عبر حسابه في موقع “تويتر” معلقًا على تلك التسريبات: إن جهاز أمن الدولة لديه أدلة قوية وقطعية ضد من تم القبض عليهم سيكشفها قريبًا بعد أن استمرت متابعتهم فترة طويلة