مساء حُلْوِ الحديث

طوال اليوم وإلى الآن وأنا منخرط مع أهل الحيّ في الحديث، لا ننقطع عن الكلام جماعات وزَرافات، كلّ السكّان منتشرون في الأنهج، ذكورا وإناثا، من الطفل الصغير إلى العجوز الهرم، حتّى جارنا الأخرس لا تنقطع يداه عن الإشارة، حديث متواصل، وتواصل غير منقطع، وحركة كلام هستيريّة لا تنقطع، فمن يقابلك يحدّثك، ومن جانبك يكلّمك، ومن خلفك يلتقط كلامك، ومن أمامك سعيد باتّخاذك مخاطَبا

حتّى وقت الفطور لم تكفّ الألسنة عن الحديث مع مضغ « سندويتشات » في الوقت نفسه، وحتى هاتفي لم يسكت، فمن يهاتفك لن يفرّط فيك إلا إذا أمّن مكالمة أخرى، وما إن أنفرد بنفسي في ركن نهج حتّي يجري البعض نحوي يحدّثونني حتّى إذا تركوني وحدي بحثت عن محدّث
ها إنّي دخلت منذ حين إلى المنزل، فإذا أفراد العائلة يتسارعون نحوي يتصارعون من أجل الحديث إليّ، انخرطت معهم متحمّسا وقد سمعت مذيعة الأخبار تعلم أنّ « تونس الآن خير »، وتخبر أنّ الناس يتحادثون في كلّ تراب الجمهوريّة، وتوصي بمواصلة الحديث حتّى ليلا، وتذكّر في تهديد صريح بأنّ أيّ قطع للحوار يعني القتال

توفيق العلوي