ما نراه حلًّا ولا حلَّ آخر

ما قام به الرئيس قيس سعيّد هوما كان يتوجّب ان يقوم به منذ أشهر وقد فعل ذلك منذ يومين في ذكرى اعلان الجمهورية مشكورا وقد زكّته جماهير الشعب التي خرجت تلقائيا في كامل جهات البلاد تسانده وتحتفل به

وها هي أصوات كثيرة تأخذ بخناقه وتشترط عليه شهرا « لا اكثر » ليحقق ما وعد به ولا نتحدث على جماعة الاخوان وحلفائهم وصنائعهم الذين يصنفون تلك القرارات الانقاذيّة التي اتخذها الرئيس بأنها « انقلاب على الديمقراطية وعلى شعارات الثورة » وكأنهم هم حاملي لواء الديمقراطية والأمناء على الثورة. وفي الحقيقة أن الديمقراطية التي عشناها شكليا منذ 2011 والتي ليس فيها من الديمقراطية الا « تلك الأوراق التي وضعها الناخبون في صناديق الاقتراع » والتي تبيّنَ أنها « انتخابات مغشوشة » وبالتقارير الرسمية ايضا، علاوة على خيانة المُنتَخبين لناخبيهم في تطبيق الوعود التي وعدوهم بها اوفي الالتزام بعدم التحالف مع جماعة الإخوان (في 2014 من نداء تونس و في 2019 من قلب تونس) وهو فعل يضرب الديمقراطية في الصميم ويفقد تلك الأحزاب السياسية أي مصداقية. والأخطر أن الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على دولة القانون والمساواة واستقلال القضاء لم يرَ التونسيون منها ما عدا الفقر والفساد والارهاب واعلام افساد الذوق والتّضليل

الرئيس فعّل اذن الفصل 80 من الدستور وعلّق اعمال البرلمان لمدة شهر ورفع الحصانة عن نوّابه وأقال رئيس الحكومة ووعد بفتح الملفات القضائية العالقة. السؤال هو هل 30 يوما كافية ليعيد الرئيس البلاد للسكة وتمكن القضاء من الفصل في ملفات الارهاب و الفساد مثلا ؟ لا يتصورها عاقل . ما الحل اذن ؟

في تقديرنا لا مخرج الا بإقرار تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في ظرف معقول مع المحافظة على قرار تجميد نشاط مجلس النواب . هذه الانتخابات التشريعية لكي لا تُعيد للحكم نوابا من نفس الطينة التي أوصلت البلاد لما هي عليه يجب أن تكون بقانون انتخابي جديد والتخلي خاصة عن نظام القائمات المغلقة والعتبة، واعتماد نظام يقوم على الانتخاب بالأغلبية في دورتين، وتكوين قائمات حزبية أو مستقلة مصغرة مكوّنة من رجل وامرأة.كذلك اعادة تركيب الهيئة العليا للانتخابات لثبات عدم استقلالية اعضائها وخاصة رئيسها الحالي وتشديد الرقابة على التمويلات والاموال المتسربة من الجمعيات ذات التمويل الخارجي. هذه القوانين يمكن أن تصدر في شكل مراسيم رئاسية او تطرح للاستفتاء وهذا فيه كلفة مادية وزمنية

دون ذلك كإعادة الحياة لمجلس نواب « كرهه ومجّه التونسيون وخرجوا مبتهجين يحتفلون بموته ليل 25 جويلية » أو محاولة اعادة رسكلة الطغمة الحاكمة تحت شعار الحوار والوحدة الوطنية لتكوين حكومة منها ، فانه عبث في عبث واهدار فرصة للإنقاذ وحكم بالخراب النهائي على تونس

الأستاذ عميره عليّه الصغيّر