لِنَتّحِدْ جميعا ضد اتحاد القرضاوي

هل تذكر أيها القارئ الكريم كيف انعقد أيام 6-7-8 ماي سنة 2012 بتونس مؤتمر بالتنسيق بين جامعة الزيتونة واتحاد العلماء المسلمي وباشراف وزير التعليم العالي المنصف بن سالم وكان من أهم الحضور القرضاوي ومورو وراشد الغنوشي؟ القرضاوي « مفتي الدم » المطارد من مصر والمتورط في تبرير جرائم باسم الدين مؤسس الاتحاد العالمي الذي انقلب ضدّ الغنوشي واتهمه بالجبن حين أعلن الفصل بين الدعوي والسياسي ووضع يده في يد المرحوم الباجي وقرّر أن ينزع عنه جبّة وعمامة المرشد ويلبس البدلة الفرنجية. ولكن الغنوشي لم يفلح في إخفاء معالم الجريمة التي تسبب بها ومسؤوليته السياسية في مقتل الشهيدين واندلاع العنف في البلاد ولم يعتذر إلى اليوم علنا ولم يعترف بأنّه ورط آلاف الشباب التونسيين والشابات في حرب سوريا ثم ليبيا ولم يعترف أنّه بجلبه لاتحاد القرضاوي تسبب في آلام مئات النساء اللواتي فرض عليهن « أولياء » أمورهن الحجاب في سنة 2012 واللواتي خدعن بخطاب القرضاوي الماكر واللواتي سيكتشفن ككلّ الشعب التونسي تلك الخديعة مع تسارع الأحداث في 2013 وسقوط دولة داعش في 2015 وما جرى من مجازر وفظاعات ومشاهد دموية ووحشية باسم الإسلام والإسلام براء

لنتذكّر أن أيادي هؤلاء مغمسة في الدمّ وأنهم لم يكتفوا فقط بفتح البلاد لهجرة الشباب نحو الشرق للقتال بل فتحوا الفضاء الاجتماعي على الصدام والصراع والانقسام مستغلين مشاعر التونسيين الدينية العفوية وميلهم إلى التعرف على الإسلام بعد عقود من الدعوة السرية الاخوانية التي أوهمت الشعب أنهم على ظلال وأن النظامين السابقين قد جففا المنابع عداوة في الدين. والحقيقة أن هذه المنابع التي يتحدث عنها الغنوشي والقرضاوي ليست سوى منابع العنف والتطرف والكراهية والعداء وتدمير الأوطان. وها قد شرع هذا الفرع التونسي للاتحاد العالمي بعد استبدال رئيسه واستبدال ثوبه المتعصب الجهادي بالثوب المعتدل والمتسامح والوسطي يبرمج دروسا ودورات تكوينية في تونس لفائدة الشباب والشابات يشرف عليها أساتذة من جامعة الزيتونة يستمدون منهم شرعية معرفية مكنتهم منها الجامعة التونسية لان جامعة الزيتونة مؤسسة من مؤسسات البحث العلمي والتدريس الجامعي وليست مؤسسة دينية. لكنهم يتعاملون مع هذه الجمعية المشبوهة تعاملا غريبا فبأي حق يقدمون دروسا وفي أي إطار قانوني؟ هل هم مرخصون للتعليم ولاسناد شهائد؟ هل لديهم موافقة من الوزارات المعنية بالسماح بالانتصاب للتعليم الجامعي للحساب الخاص؟ هل هي أنشطة في إطار جمعياتي؟ فمن يراقب هذه الدروس؟ ما مسؤولية هؤلاء الأساتذة الجامعيين الذين ليسوا أكثر من حاملي شهادات عليا لا يحق لهم التصرف باسم شرعية دينية روحية لا يملكونها. فعن أي تدريس شرعي يتحدثون؟ ثم إن إطلالة على صفحة الاتحاد فرع تونس وقراءة ما به يقدمون مهمتهم يكشف مايلي: هم جمعية دعوية جهادية غايتها أسلمة المجتمع عبر الجدال بما هو أحسن. بمعنى أنهم تنظيم لامدني يهدف إلى إقامة دولة دينية ويعد لذلك إعدادا حثيثا. صحيح هم اليوم لا يرفعون سلاحا في وجوهنا لكنهم يهيؤون الظروف والعدة للمجتمع الجديد كما يتصورونه: مجتمع الخلافة والأمة المنشودة والشرع والفقه والخلافة. كل قيمهم مستمدة من أدبيات الدعوة السلفية بكل ما أدت إليه عند التطبيق من دمار في كل البلدان التي جربت حكمهم وعادت عنه تحت ضغط الأحداث والفشل كالسودان وكأفغانستان والباكستان وكداعش التي كانت تجسيدا أمثل لهذه القيم المتطرفة الاستئصالية

فهل سنكتفي بترقب نتائج هذه الدروس التي تبدو في ظاهرها « دينية » وليست سوى مرحلة من مراحل التمكين وإعداد العدة لما سيأتي ولولا هزيمة إخوان مصر وسقوط داعش ورفض المجتمع التونسي للتطرف لرأينا دروسا في إعداد القنابل والمتفجرات لا في تغسيل الموتى والمواريث. وياما تحت السّواهي دواهي.

زينب التوجاني

هذا المقال صدر كذلك بالشروق