لامني بعضهم كيف تنعت رئيسنا ومولانا وحامي حمانا وعظيم أمتنا قيس سعيد بصانع التغيير الثاني في مقالك المنشور اليوم على جريدة « جلنار » وعلى حسابك الفايسبوكي
قلت أنا أكرمته بما فعلت…فصانع التغيير الأول الذي تحاولون اليوم طمس كل معالم ما صنعه كان وطنيا …وكان يحبّ شعبه…ولم يتحدث أبدا عن أوهام وأشباح…وغرف مظلمة…كان يحرص على أن تكون المعلومة التي تصله صحيحة ولا شبهة فيها…ستقولون فيه كثيرا من الروايات والحكايات…وسيصل بكم الحقد إلى نعته بالمستبد والسفاح وغير ذلك من النعوت السخيفة…فهل وجدتم مقابر جماعية كتلك التي وجدت بالعراق مثلا …أو كتلك التي وجدت تحت سجون القذافي….أو كتلك التي وجدت في ايران…أو تلك التي اكتشفت في السودان وغيرها من الدول التي تعبدون قياداتها وتذكرون أقوالهم ليلا نهارا
أنا على يقين أن من سيخرج ساكن قرطاج من الطريق المستقيم هم أنتم يا من تدافعون عنه بطريقة غبية حمقاء….لن تنجحوا في الدفاع عنه دون أن تذكروه يوميا بما وعد به….وبما خاب فيه…وبما فشل فيه
فالرجل بدأ فعليا معكم ومعنا قبل يومين فقط وقبلها لم يكن موجودا في مشهدنا السياسي منذ انتخابه… ولم يقم بعمل واحد يذكر…ولم يقم بخطاب واحد يشكر…كم أتمنى أن يصل صانع التغيير الثاني ما وصل إليه صانع التغيير الأول….أتدرون أنه كان حريصا على معيشة المواطن…وتعليم أبناء الشعب….وصحة كل أفراد الشعب…أكان الوباء ينتشر بهذا الشكل لو كان الأمر في عهده
تونس اليوم ليست في حاجة إلى قائد يبدأ عهدته بالتهديد والوعيد …وبالويل والثبور وعظائم الأمور…تونس في حاجة إلى من ينقذها من الإفلاس …ومن الوباء…ومن بطالة شبابها…ومن الفوضى التي أصبحت خبزها اليومي…من الجريمة التي استفحلت….من الفساد الذي ساد….من المحسوبية التي انتشرت في كل القطاعات…من التواكل…من قطع الطريق…من الإضرابات العشوائية….من الاعتصامات الفوضوية….من غلق مواقع الإنتاج
تونس في حاجة إلى كل هذا وأكثر…كل هذا مع الحفاظ على المكسب الوحيد الذي نجحنا في افتكاكه بعد 14 جانفي وهو حرية التعبير….وحرية الاختلاف….تعالوا لنقارن ما كنّا عليه قبل وبعد 14 جانفي….كم مات تحت التعذيب يا ترى في عهد بن علي وهنا أقصد الأرقام الصحيحة وليس ارقام سهام بن صدرين ولا أرقام أحزاب الهانة وزعماء المعارضة الحمقاء لبن علي…تونس هي أقل البلدان في عدد من ماتوا تحت التعذيب
لكن أتعرفون أن عدد من قتلوا بعد 14 جانفي دون ذنب….في الجبال وفي المدن وفي النزل وبسبب وباء الكوفيد وبسبب الإرهاب الذي جاء مع غزاة 14 جانفي…أتدركون حجم الكارثة …أكثر من كل من قتلوا في كل الحروب التي شاركت فيها تونس منذ عهد الكاهنة…يا خيبتكم يا جماعة الديمقراطية…هاتوا لي دولة واحدة لا تعاقب من يحاول الانقلاب على حكمها
أتعلمون أن عدد الصحافيين الذين عوقبوا وسجنوا بعد 14 جانفي أكثر من عددهم في عهد بوقيبة وبن علي رحمهما الله…فعن أي استبداد واي ديمقراطية تتحدثون
لم نعش نقصا في الدواء أيام بورقيبة وبن علي….لم نعش إرهابا كما الذي عشناه في عهدكم يا سادة….لم نعش الجوع كما نعيشه اليوم معكم…لم نعش الخوف كما نعيشه اليوم في حكمكم…لم نعش الخصاصة كالتي نعيشها معكم…لم نعش الغربة كالتي نعيشها اليوم في بلادنا…لم نعش العار كالذي نراه منكم اليوم…لم نعش الخيبات كالتي نراها في كل ما تعملون…لم نعش الخيانة كالتي نراها اليوم عند أغلبكم….لم نعش قطع الطريق كالذي نعيشه اليوم وكل يوم…لم نعش تعطيل مواقع الإنتاج كالذي عشناه لعشر سنوات معكم….لم نعش صيفا دون ملايين السياح كالذي نعيشه منذ سنوات معكم…لم نعش الإحباط كالذي نعيشه اليوم…أتدرون أن عدد من انتحروا احباطا أكثر من ضحايا إسرائيل في حربها مع مصر سنة 1967….ألا تخجلون
تريدون لساكن قرطاج النجاح لا تملؤوا صدره بالحقد…واتركوه وضميره…فوخز الضمير هو أبشع أنواع العقاب…وأرجوكم لا تمدحوه….لا تشكروه…لا تصفقوا له…فقد يتحوّل إلى مشروع مستبد قد يفوق كل من تعرفونهم في استبدادهم….راقبوه…حاسبوه…عاقبوه….حينها سيكون ساكن قرطاج كما تريدونه وكما يريده الوطن….دون ذلك فأنتم اليوم في حضرة مشروع دكتاتور…إلا ربع… ما لم تحوّلوا وجهته بما تفعلون
سلامة حجازي