صباح الخير، إليكم خبر عمر مع نصر ين حجاج
روى عبد الله بن بريدة قال: بينا عمر « الفاروق » يعس ذات ليلة انتهى إلى باب متجاف وامرأة تغنى نسوة هل من سبيل إلى خمر فأشربها * أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج فقال عمر: اما ما عشت فلا
فلما أصبح دعا نصر بن حجاج – وهو نصر بن الحجاج بن علابط البهزي السلمي – فأبصره وهو من أحسن الناس وجها، وأصبحهم وأملحهم حسنا، فامر ان يطم (1) شعره، فخرجت جبهته فازداد حسنا، فقال له عمر: اذهب فاعتم فاعتم فبدت وفرته (2) فامر بحلقها فازداد حسنا، فقال له: فتنت نساء المدينة يا بن حجاج! لا تجاورني في بلدة انا مقيم بها ثم سيره إلى البصرة
فروى الأصمعي قال: أبرد عمر بريدا إلى عتبة بن أبي سفيان بالبصرة فأقام بها أياما ثم نادى منادى عتبة: من أراد ان يكتب إلى أهله بالمدينة أو إلى أمير المؤمنين شيئا فليكتب فان بريد المسلمين خارج
فكتب الناس، ودس نصر بن حجاج كتابا فيه
لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصر بن حجاج، سلام عليك، اما بعد، يا أمير المؤمنين
لعمري لئن سيرتني أو حرمتني * لما نلت من عرضي عليك حرام أئن غنت الذلفاء يوما بمنية * وبعض أماني النساء غرام
… وخافت المرأة التي سمع عمر منها ما سمع ان يبدر إليها منه شئ، فدست إليه أبياتا قل للأمير الذي تخشى بوادره * ما لي وللخمر أو نصر بن حجاج انى بليت أبا حفص بغيرهما * شرب الحليب وطرف فاتر ساج لا تجعل الظن حقا أو تبينه * ان السبيل سبيل الخائف الراجي ما منية قلتها عرضا بضائرة * والناس من هالك قدما ومن ناج ان الهوى رعية التقوى تقيده * حتى أقر بإلجام وإسراج فبكى عمر وقال: الحمد لله الذي قيد الهوى بالتقوى
واتته يوما أم نصر حين اشتدت عليها غيبة ابنها، فتعرضت لعمر بين الأذان والإقامة فقعدت له على الطريق فلما خرج يريد الصلاة هتفت به، وقالت: يا أمير المؤمنين لأجاثينك غدا بين يدي الله عز وجل ولأخاصمنك إليه، يبيت عاصم وعبد الله إلى جانبيك وبيني وبين ابني الفيافي والقفار والمفاوز والجبال! قال: من هذه؟ قيل: أم نصر بن حجاج، فقال: يا أم نصر، ان عاصما وعبد الله لم تهتف بهما العواتق من وراء الخدور
ويروى ان نصر بن الحجاج لما سيره عمر إلى البصرة نزل بها على مجاشع بن مسعود السلمي وكان خليفة أبى موسى عليها، وكانت له امرأة شابة جميلة فهويت نصرا، وهويها فبينا الشيخ جالس ونصر عنده إذ كتب في الأرض شيئا، فقرأته المرأة، فقالت
(انا والله) فقال مجاشع: ما قال لك؟ قالت: أنه قال: ما أصفى لقحتكم هذه؟ فقال مجاشع: ان الكلمة التي قلت ليست أختا لهذا الكلام، عزمت عليك لما أخبرتني!
قالت: أنه قال: ما أحسن سوار ابنتكم هذه؟ قال: ولا هذه، فإنه كتب في الأرض فرأى الخط فدعا باناء فوضعه عليه، ثم أحضر غلاما من غلمانه، فقال: اقرأ فقرأه وإذا هو: انا والله أحبك، فقال: هذه لهذه، اعتدى أيتها المرأة وتزوجها يا بن أخي ان أردت
ثم غدا على أبى موسى فأخبره، فقال أبو موسى أقسم ما أخرجه عمر عن المدينة من خير، ثم طرده إلى فارس وعليها عثمان بن أبي العاص الثقفي، فنزل على دهقانه فأعجبها فأرسلت إليه، فبلغ خبرها عثمان، فبعث إليه ان اخرج عن ارض فارس، فإنك لم تخرج عن المدينة والبصرة من خير، فقال: والله لئن أخرجتموني لألحقن ببلاد الشرك، فكتب بذلك إلى عمر، فكتب ان جزوا شعره وشمروا قميصه وألزموه المساجد
وروى عبد الله بن بريدة ان عمر خرج ليلا يعس، فإذا نسوة يتحدثن وإذا هن يقلن: أي فتيان المدينة أصبح؟ ( أي أجمل) فقالت: امرأة منهن أبو ذؤيب والله. فلما أصبح عمر سأل عنه فإذا هو من بنى سليم، وإذا هو ابن عم نصر بن حجاج، فأرسل إليه، فحضر فإذا هو أجمل الناس وأملحهم، فلما نظر إليه، قال: أنت والله ذئبها! يكررها ويرددها، لا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض ابدا
فقال يا أمير المؤمنين ان كنت لابد مسيري فسيرني حيث سيرت ابن عمى نصر ابن حجاج فامر بتسييره إلى البصرة فأشخص إليها. شرح نهج البلاغة ج 12،صص28ــــ31
أعدته لكم الدكتورة نائلة السليني