يدخل مسار 25 جويلية مرحلته الاخيرة الهادفة الى انتخاب مجلس نيابي، يؤسس للنظام القاعدي الذي يسعى رئيس الدولة بقوة اجهزة الدولة وسلطتها الى ارساءه بدلا عن مؤسسات الجمهورية
لقد عمل رئيس الدولة منذ انتخابه على تنفيذ رؤيته الخاصة في تسيير الشأن العام ودواليب الدولة، فبعد ان مرر استشارته » الوطنية » ب5٪ من اصوات التونسيات والتونسيبن واستبدال دستور 2014 بدستور آخر مثّل خطرا على الدولة ومكاسب الجمهورية وعلى النسيج المجتمعي لتونس وباستفتاء لم تتجاوز نسبة الموافقين عليه ب30٪ من اصوات الناخبين في اطار رؤية سياسية مسقطة ، تلغي دور المؤسسات والاحزاب السياسية وتستعيض عن طبيعة النظم الديمقراطية التمثيلية والتشاركية بأخرى ترتكز على دور الفرد والعشيرة في ترشيح « نواب الحاكم » عوض نواب الشعب وممثليه الفعليين ، وذلك خارج دائرة المشاريع السياسية والاجتماعية التي يتقدم بها اصحابها للشعب لتنال ثقته، بل اصبح ذلك ضمن سلطة تبسط كيانها عن طريق شعبوية رديئة، اساسها خطابات رنانة ،تتراوح بين منطق الحاكم تارة ومنطق المعارض له طورا آخر
ان الحزب الاشتراكي الذي قاطع مسار 25جويلية 2021 منذ بدايته ورفض الامر الرئاسي عدد117 الذي بات الإطار العام لتسيير شؤون الدولة والمجتمع منذ 22سبتمبر 2021 يؤكد على ما يلي
أولا : ان انتخابات ديسمبر القادم هي التفاف على مكاسب الشعب التونسي ومحاولة فاشلة في منهاج تدمير مؤسسات الدولة والجمهورية، واذ يتابع الحزب الحملة الانتخابية التي تدور رحاها بعنواين غير سياسية، مرتكزة على اولوية القبيلة والجهة قبل المصلحة الوطنية، فهو يشدّد على مقاطعته لهذه العملية بكل تفاصيلها من التزكية الى الترشح والدعم والتصويت منذ بيان 23سبتمبر الفارط والحزب ليس له مرشحين في اي دائرة من الدوائر ولا يساند مرشحا بعينه لانتخابه وهو يدعو كافة المواطنين الى عدم الذهاب للتصويت يوم 17ديسمبر
ثانيا: ان المقاطعة لم تكن غاية في ذاتها بل هي اختيار واع بحجم المسؤوليات التي تنتظرنا مع كافة القوى اليسارية والاجتماعية وتمثل اليوم ارضية تصدي لتخدير ارادة الشعب من اجل تطويعها لخدمة مشروع الرئيس وما يريده باسم الشعب والوطن
ثالثا : ان الاوهام التي يبثّها مساندو الرئيس و »اصحاب الفرصة الاخيرة للتموقع » حول انتخابات 17 ديسمبر ستنقشع عبر الحكم الفردي الذي دشّنه مسار جويلية الفارط و دكتاتورية جديدة ظنّ الشعب التونسي ، لسنين طوال انه تجاوزها بانتفاضته ذات جانفي 2011 والحزب الاشتراكي ينبه الى ان اوضاع التونسيات والتونسيين ستزداد سوءا على ماهي عليه الآن وستعرف الحريات انتكاسة اكبر بفعل المرسوم عدد 54 الذي بدأت نتائجه تظهر عبر المحاكمات الجائرة في حق الصحفيين والتضييق المتواصل على حرية التعبير ، المكسب الوحيد الذي حقّقه التونسيون عبر انتفاضتهم اذا لم تجد القوى الديمقراطية والتقدمية طريقها للوحدة
رابعا: دعوة كل الاحزاب السياسية الديمقراطية والتقدمية واليسارية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني التقدمي والشخصيات الوطنية الى التكتل، مقاومةْ للخطر الجديد الجاثم على رقاب الشعب، ثم العمل على بناء القوة الجمهورية الحاملة لمشروع مجتمعي بمضمون وطني بعيدا عن الشعبوية والعمل الاحادي وتوسيع النقاش والبحث المشترك لإيجاد صيغ وحلول جماعية، وطنية ترسي تصورات حقيقية وميدانية تأخذ بعين الاعتبار حالة المزاج العام للشعب وتدفع بشكل مشترك الى التأسيس الى الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية
الأمين العام
المنصف الشريقي