القضايا الوطنيّة لا تعالج بالعواطف

تعيش تونس خاصة منذ 25 جويلية والقرارات الشجاعة التي اتخذها رئيس الدولة مرحلة هامة من تاريخها،امّا ان تقلب صفحة منظومة 2011 وتفتح صفحة الجمهورية الثالثة بنظامها السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي الجديد وامّا أن تنتكس وتعيد انتاج نفس منظومة الخراب التي يتزعمها فرع الإخوان المسلمين في تونس أي جماعة النهضة. هذا التحدي التاريخي لن يصير حقيقة الا بتكاتف وتضامن كل القوى الوطنية لأن المهمة وطنية وعن جدارة ، لن يستطيع الرئيس لوحده تحقيقها حتى وإن وقف يسانده « حراك شبابي هلامي » أو تظاهرات عفويّة تحتل الساحات العامة. القوى الوطنية هي التي تريد فعلا ارساء الدولة المدنيّة ، دولة المساواة و علوية القانون والحريات في بعدها الخاص والعام ، دولة تكنس منظومة الفساد والمحاباة والمتاجرة بكل القيم النبيلة التي كرسها إخوان تونس وحلفائهم وكل المستفيدين من نظامهم. القوى الوطنية هي المنظمات الوطنية الشريكة في بناء الوطن سابقا وحاضرا والأحزاب السياسية التي لم تتورط في التحالف مع تجار الدين منذ 2011 في تفكيك الدولة وغرس الأتباع في هياكلها لتحقيق التّمكين الذي تقوم عليه عقيدة حركة الإخوان منذ تأسيسها. لن يستطيع الرئيس بدونها بعث الدولة من جديد وتطهيرها من العناصر المدسوسة فيها والتي أثبتت أن ليس لها البتة ولاء لتونس بل ولاؤها الوحيد للتنظيم الإخواني العالمي وللدول الحامية من تركيا وقطر وغيرها من القوى العظمى. ولن تتصدى بنجاعة لمحاربة الفساد والمافيا ولاجتثاث الارهاب من تونس بمحاكمة مدبريه الحقيقيّين ورعاته و جمعياته و مموّليه ومنفذي جرائمه الا الأحزاب الوطنية ومعها الرئيس ،أما تلك التي تحالفت مع النهضة وجمّلت كل افعالها وأنكرت الخطر الارهابي و كذّبت حتى وجوده معتبرة « أنه فزّاعة » وحتى طوّعت القضاء لطمس حقيقة مدبري الإرهاب والتغطية على مجرميه من الجهاز السري الثابت حاليا وجوده للخلايا النائمة والنشطة، هذه الاحزاب و القوى كلها لن تنخرط بصدق وأمانة في ما بدأه الرئيس في 25 جويلية وتحقيق ما يترقبه التونسيون من أمل في حياة أفضل

من الأحزاب الوطنية التي عبّرت على انخراطها في ما أعلنه الرئيس الحزب الدستوري الحر الذي مهّد له في الحقيقة بنضالاته وصمود كتلته بزعامة الأستاذة عبير موسي في المجلس أمام تعنت راشد الغنوشي وحواشيه والإستبداد بالسلطة ورغبتهم في احتكارها و تحويل تونس الى مستعمرة لقطر وتركيا والتضحية باستقلال وطن عمّد بالدماء والتضحيات الجسام. فضح سياسة الإخوان وكشف مؤامراتهم على الوطن كان لنشاط الوطنيين من المجتمع المدني فرادى وتنظيمات و لهذا الحزب الدستوري بالخصوص الدور الكبير لخروج التونسيين يوم 25 جويلية يزكون قرار الرئيس لوضع نقطة نهاية لما عاشته تونس من انحدار قاتل منذ 2011. المطلوب من الرئيس أن يستمع لهذه القوى الوطنية التي هي ليست فقط تتحرك من دافع الواجب والحق بل أنها الشريك الضروري والضامن لنجاح مهمة الإنقاذ السّائرة بتمثيليتها الجماهريّة وبصدى تأثيرها في الرأي العام الدولي الذي لن ينظر لما يحدث في تونس كمجرد « نزوة » من الرئيس ولا « انقلابا » كما يروّج له الإخوان في تونس وعبر العالم ،القضية اذن ليست مسألة مزاج وأهواء و »أحب هذا  » و « أكره ذاك » و لا « تصفيات حساب لماض انقطع و انتهى » ولا « مجاراة انتفاعيّة للمزاج العام » دون تروّ، بينما دور النخبة السياسيّة الواعية والوطنيّة والمسؤولة هي ان تنير السبيل و تحدد الأهداف وتحشد كل القوى لضمان تحقيقها

الأستاذ عميره عليّه الصغيّر