الدكتورة نائلة السليني تحذّر قيس سعيد من ثرثرة أهل القرآن

صباح الخير: عدت إلى خطبة سعيد العصماء، أسعد الله أيامه ، لحظة تكليف الفخفاخ. واستوقفني تأويله، أو قل اتكاله على الآية الكريمة  « وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى » حتى يتحرّر من مسؤولية اختياره. فخرجت بالملاحظات التالية

أنّ الرجل من « الجبرية »، وهم فرقة ترفض أن يكون للإنسان اختيار في هذه الحياة، وأنّ كلّ ما يفعله إنّما سطّره له الله قبل أن يولد، فبحيث جميع قرارات قيس ليس له أيّ دخل فيها، سطّرها له الله قبل أن يولد، بل وحتى فوزه في الرئاسة إنّما هو إرادة من الله، ولذلك ما فتئ يردّد على مسامعنا بأنّه لا يمتلك مشروعا أو برنامجا،ولعلّ ذلك ما عزّز اعتقاده بعد أن فاز في الانتخابات ، دون مجهود إنساني، كما يرى ذلك،
واليوم انزعج سعيد عندما انتقل إليه ملفّ التعيين ليواجه مصيره باعتباره رئيس هذه الأمّة، أي بمنطقه باعتباره وليّ أمر رعيته.. لذلك كانت فاتحة خطبته العصماء الآية التي تنفي أن يتحمّل المرء وزر أعماله، أي أخطائه، وحرص على إعلان براءته من هذا الذنب الذي سيحاسب عليه إن بان فشله
لكن، دُوِّييوو كما نقول في لغتنا، ذهبت يا سعيد إلى رأي فرقة من الفرق في هذه الاية ، واسقطت موقف القرطبي الذي سيزعجك، وإن كنت تجهله أذكره لك، حتى تقلق وتنزعج، وتعي أنّ رئاسة اليلاد نار تتلظّى ولا ينطفئ لهيبها البتّة، هذا كلام لقوم يعقلون:  » يقول القرطبي: ويحتمل أن يكون المراد بهذه الآية في الآخرة ، وكذلك التي قبلها ; فأما التي في الدنيا فقد يؤاخذ فيها بعضهم بجرم بعض ، لا سيما إذا لم ينه الطائعون العاصين ، كما تقدم في حديث أبي بكر في قوله تعالى : عليكم أنفسكم . وقوله تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة . إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . » وعليه أنت خاضع للمحاسبة، وكم يهرب منها أهل الدين في ايامنا هذه؟؟ لأنّ قرارك سنتحمّل نحن ثقله في هذه الدنيا، وليس له علاقة بإيمانك بالله أو الكفر به
ملحوظة أخيرة: استند القرطبي إلى هذا التأويل بقراءة الفاصلة في سياقها الكامل في الآية، ويجب عليك أن لا تنتقي العبارة التي تراها مناسبة لأهوائك، وهذه هي الآية كاملة » قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ « .. كم أشفق عليك لأنّك ظننت نفسك، وأنت الرئيس عصفور جنّة تحلّق دون رقيب أو حسيب.. وكان الله في عونك. قد تعتبر ما أقوله ثرثرة ولكنّها حذار إنّها ثرثرة أهل القرآن

الدكتورة نائلة السليني