لكي لا نتهم بالنقد للنقد، سأبين لكم موقفي من كلام « سعيد »، مع العلم أنه ليس لي أي مشكل شخصي مع ذات الرجل، الله يفرج عليه وعلي وعلى كل الناس، بل لعلي أعتبره ضحية زج به في محرقة سيدفع ثمنها يوما ما
آولا، أصدرت الرئاسة بيانًا توضح فيه أنه لم يرد في خطاب الرئيس : أي إشارة إلى المصادرة بل ذكر بما كان اقترحه من سنة 2012 بالصلح الجزائي مع المتورطين في قضايا الفساد المالي
على مستوى الشكل، وجود توضيح لخطاب الرئيس يعني أن هناك مشكلا تواصليا جوهريا…فكأنني مع نص يحتاج الى شرح والى شرح الشرح، وربما شرح شرح الشرح…وهذا ليس غريبًا عمن قال جملة تصلح للتدريس في تحليل الخطاب وهي: لسنا هنا لتقدير الإجراءات أفضل من النظر في الإجراءات التي تم اتخاذها، النظر فيما يجب اتخاذه من إجراءات
ثانيا، وشكلا أيضا، هل من المنطقي في هذا الزمن السريع الذي يتحول فيه كل شيء كل يوم، أن نعيد بعث مقترح من سنة 2012؟ ألم تحصل سرقات بعدها، أليس هناك فساد شاع حتى زكم الأنوف ، فهل نقفز على ثماني سنوات لمجرد تحقيق برنامج هوسي لدى الرئيس، أو بالأحرى لدى من يتخفى وراءه؟
ثالثًا، هذا البرنامج الاقتصادي الذي تم في ألمانيا بعد الحرب تم في سياق تاريخي مختلف تمامًا، ولو افترضنا إمكان إحيائه اليوم، فهل هو برنامج الأزمة التي تتطلب إدارة سريعة؟ كم سيستدعي وقتًا لإثبات الفساد أولًا، ثم كم سيستدعي وقتًا الاتفاق على المشاريع اللازم إنجازها ( » طرق،مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية… »، وهذا كلام صفحة الرئاسة)…هل هذه هي الإجراءات العاجلة لبطون تتضور جوعًا؟
رابعًا، الرئيس أو المسؤول (كما يدل على ذلك اسمه) يساءل، ولا يسأل، فما معنى أن يسأل الرئيس عن الأموال؟ من المفروض أنه هناك ليجيب، وما معنى أن يصور رجال الأعمال وكأن جميعهم أهل فساد؟ من يشغل عشرات آلاف العمال؟ أليس من المخطر أن نشتغل على سمة الحسد الشائعة لدى التونسي حتى نصور كل صاحب مال بصفته متحيلا وسارقا ومجرمًا؟ ثم ما معنى أموال الشعب؟ هل تذكرون مهزلة فيلم أموال القصر زمن بن علي، أذكر أن بعض البسطاء آنذاك قالوا لي إننا سنحصل على نصيبنا من تلك الأموال
وعموما، المسؤول ليس معارضًا، ولا يمكن أن يلقي شعارات فضفاضة تزيد من تأجيج الأزمة وتقسيم الشعب، نحن في حاجة الى تضامن قوامه المحبة، ولسنا في حاجة إلى محارق جماعية وتقسيمات للمجتمع ترجعنا إلى مهازل 2012 و 2013… لا تتعجبوا إذن اغتيالات وإجراما في الشارع وتزايد سرقات بل مسيرات في هذا الزمن العسير
الرئيس من المفروض أن يرتفع فوق كل التجاذبات والخلافات، هو صوت الحكمة وليس هدف أي رئيس التهاب الأكف بالتصفيق له كصبية الجامعات زمن الاجتماعات العامة
قولوا ما شئتم، لكن الأسابيع القادمة ستثبت من هو على صواب ومن هو على خطإ
الدكتورة ألفة يوسف