الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ترفض بشكل قاطع مشروع الطلاق لدى عدول الإشهاد

مكتسبات التونسيات ليست محل تفاوض
لا طلاق خارج المحاكم… ولا عفو عام للمتهربين من دفع معينات النفقة والجراية

تتابع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ببالغ الانشغال، منذ فترة، تصاعد المبادرات التشريعية التي تستهدف حقوق النساء ومكتسباتهنّ القانونية التي ميّزت بلادنا عن بقية البلدان العربية والإسلامية، واعتُبرت عنوانا لتحديث المجتمع وتطوّر التشريع في مجال الأسرة. فبعد تقديم مجموعة من النواب مبادرة تشريعية، تطالب بسن عفو عام للأزواج والآباء الذين تلدّدوا في دفع معلوم النفقة، وصدرت في شأنهم أحكام جزائية من أجل تعمّد عدم دفع مال النفقة، معلّلين ذلك، بحجتي اكتظاظ السجون والحفاظ عن الأسرة ومنع تفكّكها، تقدّم 101 نائب بمبادرة تشريعية ثانية تـطالب بتنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية وإقرار الطلاق لدى عدول الإشهاد بحجة تيسير إجراءات الطلاق في ظل اكتظاظ المحاكم. وإزاء هذه المــحاولات التي تعكس رؤية محافظة وتقليدية، وتشجّع عـــلى استقالة الأزواج عن مسؤولياتهم الأسرية، وتستهدف الحقوق الإنســانية للنساء، فإن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

تعتبر أن هذه المبادرات التشريعية تكشف عن توجّه سياسي واجتماعي يسعى إلى ضرب الأسس القانونية في مجال الأسرة وحقوق النساء التي كانت نتاجَ رؤية حداثية عملت دولة الاستقلال على ترسيخها وطوّرتها نضالات أجيال من الحقوقيات والحقوقيين المؤمنين والمؤمنات بقيم المساواة والعدالة

تعبّر عن رفضها القاطع لمحاولات تنقيح الفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية وإقرار الطلاق لدى عدول الإشهاد، وتعتبر ذلك خطوة خطيرة نحو تفكيك الإطار القانوني وسحب سلطة القضاء من مؤسسة الأسرة، وإفراغ قضايا الطلاق من بعدها القضائي والحمائي

تؤكد على أ ن المبادرة التشريعية للمساس بأحكام الفصل 32 منً مجلة الأحوال الشخصية، تمثل حلقة جديدة ضمن سلسلة من المبادرات التشريعية التي تهدف إلى تقويض مكتسبات النساء، والتراجع عن الضمانات التي أقرّتها مجلة الأحوال الشخصية المتعلّقة بالطلاق وحماية الأبناء والإنفاق عليهم، علاوة على أنّها تكريس لإجراء موازٍ خالٍ من أي ضمانات قانونية، كما يتضمّن تقويضا صريحا لحقوق النساء، وإضعافا لمؤسسة قاضي الأسرة، وتشجيعا على تسويات سطحية لا تراعي المصلحة الفضلى للأطفال، ولا تهتم بأوضاع النساء ضمن سياقات اجتماعية يكرّس فيها التمييز والاستضعاف والتهميش وتفقير النساء

تؤكد، انطلاقًا، من تجربتها الميدانية وعملها اليومي مع النساء، واستقبالها وتعهّدها بضحايا العنف، أن عديد النساء يَلْجأن للطلاق بالتراضي تحت الضغط، أو في ظلّ عدم المعرفة بالحقوق وصعوبة نفاذهن للعدالة نتيجة عدم قدرتهن على تأسيس دعوى طلاق للضرر

تعتبر أن غياب القضاء في حالات الطلاق يفتح المجال أمام العنف المؤسسي وانتهاك حقوق النساء والأبناء، ويضعف موقع النساء داخل علاقة غير متوازنة قانونيًا واجتماعيا واقتصاديًا، وتؤكد على أن مؤسسة قاضي الأسرة، رغم نقائصها، تظل الإطار الوحيد الذي يضمن تحقيق العدالة في قضايا الطلاق، وأن تفكيك هذه المؤسسة هو مساس مباشر بمجلة الأحوال الشخصية وتراجع عن أحد أهم المكاسب القانونية للنساء التونسيات

بناءً على ما تقدّم، فإن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

1. ترفض بشكل قاطع مشروع الطلاق لدى عدول الإشهاد، وتطالب بسحبه فورًا ودون تأجيل

2. ترفض كل المبادرات التي تقوّض الدور القضائي ودور المحاكم في قضايا الأحوال الشخصية

3. تدعو إلى تدعيم قضاء الأسرة والقاضي الصلحي وتوفير الخبرات والكفاءات اللازمة للقيام بدوره الفعلي

4. تدعو إلى إصلاح مؤسسة صندوق النفقة وجراية الطلاق بما يجعله يهدف إلى تمكين النساء المطلقات من الانتفاع بنظام التغطية الاجتماعية والإدماج الاقتصادي وذلك، من خلال تخصيص الموارد المالية الضرورية لهذا الصندوق ومزيد تبسيط إجراءاته ودعم دوره في مجال حماية النساء وأبنائهن من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية

5. تجدّد تمسّكها بمجلة الأحوال الشخصية كإطار قانوني هام، يحتاج التطوير لا التراجع عما جاء فيه، وذلك، من خلال إلغاء أحكامه التمييزية من أجل تحقيق المساواة طبقا للتدابير التي تنص عليها المواثيق والصكوك الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية، وأبرزها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء وأرضية عمل وبرنامج بيجين لسنة 1995

6. تدعو الجمعيات النسائية والنسوية والتونسيات وكافة أطياف المجتمع المدني الى الالتفاف حول القضايا المحورية للنساء من أجل دعم المكاسب وتطويرها لا هدمها وتقويضها. وتؤكد على أنها سوف تتصدى لمثل هذه القوانين الاقصائية للنساء والتي لا تعبّر الا على السعي لبناء مجتمع غير متساو مغال في تكريس التمييز بين النساء والرجال، مجتمع لا يحترم حقوق الطفولة ولا يراعي مصلحتها الفضلى

صامدات ثابتات مقاومات للرجعية أينما أوجدت لها أصواتا

عن الهيئة المديرة
الرئيسة
رجاء الدهماني
تونس في 10 ماي 2025