الثالث من أكتوبر … نهاية الإخوان في تونس

توالت الضربات القاصمة لظهر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وممثلهم في تونس وفي شمال افريقيا والشرق برمته راشد الغنوشي.فبعد استقالة القياديين المائة من حزبه وانفضاضهم من حوله أجهز الشارع التونسي على ما تبقى من جثمانه المحتضر. فتعالت يوم 3 اكتوبر 2021 في شارع الحبيب بورقيبة وفي المدن التونسية من شمالها إلى جنوبها هتافات رافضة لحكم الإخوان وداعية إلى محاسبة الغنوشي وحزبه وعبرت الزغاريد والشعارات المرفوعة عن أجواء احتفالية

يمكن أن يلاحظ المرء بسهولة أن الشارع التونسي اختار تعبيرا غير كلاسيكي للاستجابة لنداء سعيد بمساندته في الشارع معتمدا في التنسيق والمعلومة على المجموعات الفايسبوكية المغلقة والصفحات المفتوحة وعلى أشكال تنظيمية جديدة وضعت حدا للتجمعات الكلاسيكية في شكل احزاب او تنظيمات أو هيئات أو جمعيات. صارت العمليات التحضيرية تتم افتراضيا وتطبيقها يكون عبر شكل احتفالي يبدأ باعداد اللباس المناسب وحمل الاعلام والتزود بالشعارات واصطحاب الأطفال والاصدقاء والجيران والأتراب. والتعبير عبر الحضور الجسدي عن الموقف السياسي والاجتماعي والوجودي

وتلاقت أصوات مختلفة في شارع الحبيب بورقيبة للرد على المعارضين للقرارات الرئاسية ولتجميد البرلمان، تلاقى الشباب الباحث عن أمل جديد، والمعارضون للإخوان والحكم الديني والمعارضون للفساد والداعمون لقيس سعيد والمدافعون عن قراره بتجميد البرلمان لما يرمز إليه البرلمان من الفوضى والتأزم السياسي والعبث

لقد تلاقت وتقاطعت هذه التعبيرات فشكلت مشهدا واحدا متعددا مختلفا عن التعبير الديمقراطي التقليدي في الظاهر لأنه يعتمد التعبير المباشر عبر احتلال فضاء في الشارع، وعبر الحيز المشغول يتصرف المحتج برفع الصوت والعلم أو الشعار وتحويل مشهديته تلك إلى تعبيرة سياسية. قبل ذلك بيومين كان معارضو قيس سعيد يعبرون بنفس الطريقة والأسلوب عن معارضتهم لما سموه انقلابا عن الشرعية وصارت المنافسة السياسية واضحة للعيان عبر الحيز المشغول في الشاعر بشكل مباشر

يسميّ البعض هذا الديمقراطية الشعبوية حيث ينزل الناس مباشرة للتعبير عن مواقفهم عوض الترميز اليها والتنظم في شكل احزاب وجمعيات . ويسمي اخرون ذلك شكلا من الردة عن الديمقراطية لأنهم يعرفونها تعريفا كلاسيكيا. فيما قد يكون الأمر شكلا من أشكال التدرب على التعبير السياسي والتوق لبناء نظام اجتماعي سياسي جديد يقوم على خدمة المواطنين ويبتعد عن المحاصصات واللوبيات التي تسيطر على العملية السياسية التقليدية. غير ان هذه المحاولات العفوية والشعبية قد تكون محفوفة بالمخاطر لا سيما مخاطر توظيفها من قوى مدركة لما تريد

إنّ نزول الناس للشارع للتعبير عن معارضة أو مساندة الرئيس حالة صحية ولكن البلاد بحاجة اليوم إلى العمل والانكباب على علاج مخلفات الوباء وما انجر عن هذين العامين القاسيين الذين خسر فيهما آلاف التونسيين مواطن شغلهم فيما تقدمت نسب البطالة والعنف والفقر. لقد عبر نبض الشارع التونسي عن رفض نهائي لمشاريع الأخونة وبقاء الغنوشي في الحكم ولكن هذا غير كاف فيستوجب فعلا توحيد القوى الوطنية للالتفات إلى الإنتاج وحلّ المشاكل الاجتماعية بعد أن انفرج الوضع الصحي ووضع الرئيس سعيد حدا للعبث السياسي غير المجدي. ويتطلب ذلك مشاركة الجميع في البناء والمستقبل

زينب التوجاني