الأستاذ توفيق العلوي و قصّة الدينار

نصّ قيلوليّ لعجلته

قمت بواجبي المهنيّ هذا الصباح، وعرّجت على البنك بنهج أحمد التليلي بتونس العاصمة، أوقفت سيّارتي بنفس النهج غير أنّي لم أجد قطعة دينار لأضعها في عدّاد وقوف السيّارات، توجّهت إلى عطّار قريب بنفس النهج، سلّمتُ وسلّمته قطعة بخمسة دنانير رهينة لأتسلّم دينارا واحدا لمعرفتي بمشكلة طلب الصرف، رفض تسلّم القطعة، وسلّمني في ابتسامة الدينار في ثقة برجل لا يعرفه تشفع له ملامحه الجدّيّة ومحفظة ضخمة بيمناه، شكرته وأنا أقول له « إذا لم أرجعه فتحمّل مسؤوليّتك »، مع ذلك ابتسم لتأكّده من نبرتي الهزليّة، سوّيت وضعية السيارة، وذهبت للبنك في نفس النهج، قضيت منه وطرا، وانطلقت مباشرة بسيّارتي إلى المنزل ببرج السدريّة.
ما إن جلست مرتاح البال في شوق إلى قيلولة لم أعرفها منذ أيّام حتّى تذكّرت أنّي لم أرجع للعطّار ديناره، ضربت الكفّ على الكفّ أسفا، ولعنت غفْلات الزمن، وتغيّر مزاجي وإن كنت أعرف أنّني مسدّد الدين في أقرب وقت مع الاعتذار وهذا النصّ شاهد على ذلك.
لكن ما غاظني وأطار قيلولتي أنّ العطّار يعرف بخبرته أنّي مدرّس، وسينزل اللعنة على المدرّسين جميعا إلاّ إذا عجّل أحدكم، إن كان من سكّان العاصمة، بإعلام العطّار أنّ ديناره بين أيادٍ أمينة

إلى متابعي قصّة الدينار

كنت حوالي الساعة الثامنة من هذا الصباح عند العطّار، صاحب الدينار، كاد ينساني لفرط الدينارات التي يقرضها لعديد المواطنين المحتاجين لقطعة ديناريّة يضعونها في عدّاد وقوف السيارات، ما إن ذكّرته حتّى تذكّر قولي له بأن « يتحمّل المسؤوليّة إذا هربت بالدينار »، حكيت له حكاية السهو والغفلة بالتفاصيل، تجاوب مبتسما، قرأت له نصّي في ديناره مقسّطا يقطعه الزبائن، فابتسم منتشيا وقد أعجبته « مقترضُ الدينار ساردُه »، أخبرته بأنّي مدرّس، فإذا هو يحمل الأستاذيّة في العلوم الطبيعيّة، وهو مدرّس عرضيّ ينتظر الانتداب، انخرطنا في صداقة فايسبوكيّة، وعدت إلى منزلي فرحا مسرورا.
لا تسألوني عن الدينار، فقد أعدته لصاحبه مع أملي أن يُنتدب سريعا سرعة عودة الدينار إليه

توفيق العلوي