لا تقارنوا زمن الطراطير….بزمن بورقيبة وبن علي
نعيش هذه الأيام على وقع الرعب الذي تعيشه منظومة « الترويكا » بكامل مكوّناتها..فطرطور البلاد خرج ليطلق النار على سنوات حكمه دون أن يدري…فما قاله ارتد عليه بسرعة البرق…وكشف البعض أكاذيب الطرطور …وكشف الطرطور أكاذيب البعض…واكتشف الشعب أن البلاد كانت تُحكم من طرف عصابة استهدفت كل موارد البلاد البشرية والاقتصادية والمادية…فالأمور كانت خطيرة دون علم الشعب الذي انساق وراء إسقاطات كذبة الربيع العربي…فالوضع كاد يؤدي بالبلاد إلى منحدر سحيق …فحالات التخريب الممنهج والمتعمّد للمرافق العامة للوطن لم تكن بريئة، وكادت تعصف بأمّة كاملة فالوضع كان أشبه باغتيال شعب بالتقسيط المريح وبطلب منه…فالمتابع لاعترافات هذا وذاك اليوم لا يصدّق بأن هؤلاء الذين دخلوا رافعين ألوية النصر وشعارات حقوق الإنسان والتقدمية جاؤوا فقط من أجل الانتقام من شعب، وتاريخ شعب فنحن اليوم نكتشف أن المشهد الذي عشناه اسودا كان يمكن أن يكون أكثر سوادا..وأن عقلية العقاب الجماعي كانت عقلية الحكام الجدد للبلاد…فمن جاؤوا رافعين لواء الإصلاح حكموا على الشعب بالقتل من خلال اغتيال بعض رموزه وحكموا عليه بالموت بالتقسيط المريح من خلال تجويعه عبر الرفع من معدلات البطالة والتخفيض الممنهج للقدرة الشرائية للمواطن من خلال خلق الفوضى السوقية العامة…والأخطر من كل ما جرى هو اكتشافنا أن هؤلاء الذين يفاخرون بالوطنية هم أقرب للخونة منهم للأحرار… لقد بكت الجماهير يوم مات بورقيبة….وبكت أيضا حسرة على عهد ورثة بورقيبة…ثم وبعد سنوات من الكذب والخداع بدأت أغلبية من عاشوا عصور البناء والتحديث في وصلة من البكاء على مجد دولة ضاع بين أيادي روّاد السفارات وهواة لعق حذاء أمراء الخليج وملمّعي حذاء العمّ سام وزوجته الستّ نواعم …واكتشفوا أن الذين كانوا يشتمون العمّ سام علنا كانوا يلعقون مؤخرته سرا….واكتشف الشعب الخديعة الكبرى وها هو اليوم يكتشف الخديعة الأكبر…فمن كان يقول عنهم هؤلاء أنهم الخونة وأنهم من باعوا الوطن…لم يكونوا بتلك البشاعة التي سوقوها لنا قبل وبعد 14 جانفي…بل كانوا أقرب الناس إلى الوطن وحبّ الوطن وأعطوا المثال على الإيثار والتفاني في خدمة العباد والبلاد…فالذين هلّلوا ورقصوا يوم خرج بن علي قاصدا البقاع المقدّسة أصابهم الندم…وعضّوا على أصابعهم… وسيعَضُون في المواعيد الانتخابية القادمة أصابع من خدعهم…وأظنّ أن المقارنة التي كان يفاخر البعض بها لا تجوز أصلا اليوم…فمن حكمنا بعد 14 جانفي لا يمكن مقارنته بمن حكمنا قبل ذلك التاريخ….فبورقيبة وبن علي كانوا أكثر وطنية من كل من جاؤوا بعدهم….فبورقيبة بكيناه يوم وفاته….وقد يبكي أغلبنا بن علي يوم تعود رفاته…وكل عام ونحن نعيش الخديعة….وكل خديعة وأنتم إلى الوطن أقرب
سلامة حجازي