اعتصام باردو (2) مجازفة عواقبها وخيمة لو فشل

أنبّه في البدء أنّ كاتب هذه السطور هو أيضا ضد المجلس النيابي القائم ، مكوّنات و مردود وهو ايضا مقتنع من انّ دستور 2014 يجب ان ينقّح في اتجاه فصل واضح للسلط وتحديد لصلوحيات لكل منها كما انه مقتنع بضرورة تغيير النظام الانتخابي نحو نظام يعطي تمثيلية حقيقية للمواطنين و خاصة للكفاءات منهم ويفرز اغلبية تحكم لا فسيفساء من الحزيبات والأصوات المتنافرة، وهو ايضا يتمنى زوال المجلس القائم في أقرب الآجال خاصة لما آلت له أمور البلاد من تدهور على كل الأصعدة و ما أضحى يتهدد أمنها تحت تغوّل جماعة الإخوان الحاكمين فعلا في البلاد و المسيرين لها مباشرة او عبر صنائعهم في الحكومة
غير أن كلّ مطلب تغيير يجب ان توفر له شروط تحقيقه و في القائم حاليا من قوى سياسية منظمة و وازنة و من فعاليات مواطنية متحفزة  و هي غير موجودة او قل غير كافية. اعتصام الرحيل بباردو الذي انطلق في 26 جويلية 2013 كان في ظرف سياسي هبّ فيها اغلب التونسيين ضد حزب الإخوان و حلفائهم في الترويكا و كان راس الحربة في الإعتصام شباب الثورة من المستقلين و من حركة تمرّد و من شباب الجبهة الشعبيّة و من أحزاب سياسية وازنة اهمها حزب النداء و عديد النواب في المجلس التأسيسي و خاصة وقوف الاتحاد العام التونسي للشغل في صف المعتصمين في جو كراهية و نقمة عامة على جماعة الغنوشي خاصة بعد اغتيال شكري بلعيد أولا ثم محمد البراهمي ثانيا فنجح الاعتصام واسقط حكومة النهضة وازاحها من السلطة ، هذا الزخف الثوري و الجمهوري لاعتصام باردو الاول هو غير ماثل حاليا ، هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية ، ثم علاوة على ما نحن متأكدون منه من تزييف للانتخابات(انتخابات 2019) التي اتت بالمجلس الحالي فانّه انتخابيا يبقى مجلس شرعي و بمنطق الإقتراع لا يمكن حلّه الا بالطرق الديمقراطية أي عبر انتخابات جديدة
طبعا انّه من حق الداعين للاعتصام ان يعتصموا ،لكن بما أننا نشاركهم نفس الحكم بالفشل على المجلس القائم و نتقاسم نفس الآمال، نرى أن ننبّههم أن فشل اعتصامهم، المحتمل أكثر لأنه دون قوى فاعلة ولا زخم شعبي ساند و مضمون، سيكون ضربة لمستقبل الحركة الديمقراطية في البلاد و الإستخفاف بها من أعدائها ويعطي الذريعة للحاكمين في اعتماد البطش بالحريات وحتى تحريك عناصر الارهاب التي في علاقة بهم ويمتلكون مفاتيحها
هل ازاحة « اعتصام باردو 2 » هو دعوة للإستسلام ؟ طبعا لا .هنالك وسائل عدة لمعارضة الحاكمين حاليا، من داخل المجلس و من خارجه، فقط يجب ان يرتقي معارضوا الإخوان وحلفائهم في الحكم ويترفعوا عن الأنانيات والصغائر الذاتية ( من غيرة و حسد…) ويلتقوا في جبهة عريضة للديمقراطيين الوطنيين والإجتماعيين ويضعوا مصلحة وطنهم فوق كل اعتبار، لأن كل انقسام في الصف الجمهوري التقدمي لا يخدم الا الظلاميين ومافيات الفساد وبيع الأوطان

عميره عليّه الصغيّر
(مواطن مستقل)