سياسة الإخلاص على قدر الخلاص

في هذه الأيّام التي اختلطت فيها الأوراق بين الأعراف و الشغّالين فنادى رأس المال إلى الالتحاق بمقرّات العمل و أصرّ العمّال على التمادي في الإضراب و الاعتصام و المطالبة بالحقوق في غالبيّة الاختصاصات الخاصّة و العموميّة أودّ أن نعترف جميعا بأنّ الاقتصاد في بلادنا يسير منذ عشرات السنين على قانون « الإخلاص على قدر الخلاص » و لمّا كان الخلاص في جلّ القطاعات ضعيفا كان تفاني العمّال فيها على قدر ما يربحون منها و قد تجسّد تخريب قيمة العمل بالتقاعس داخل المؤسسة بما شاء الله من الحيل بالنوم و اللعب و اللامبالاة و شتّى أنواع « الصابوطاج » أي تعطيل الإنتاج و تجسّد كذلك في خلق العامل لنفسه مصدر رزق مواز بسرقة أعرافه أو باستغلال وظيفته و سلطته في التعليم و الإدارة و الأمن و القضاء و الديوانة الخ…أو الاشتغال لحسابه الخاص لحّاما أو نجّارا أو سوّاقا… في أوقات العمل أو خارجها. و عسى أن يكون من أفضال الثورة علينا أن يكفّ الأعراف عن الاستثراء الفاحش و أن لا يبخسوا العامل حقّه في حياة كريمة و دخل على قدر كفاءته و مساهمته في نموّ المؤسّسة و عسى أن ينخرط العمّال في بناء الاقتصاد و الحضارة انخراطا مسؤولا قائما على ثنائيّة الحقوق و الواجبات و هذا توازن سياسي يؤطّره القانون و يحقّقه تصويب العقليات بالحدّ من التحايل : من الاستكراش من جهة و التقاعس من جهة أخرى

الدكتور الهادي جطلاوي