مريد البرغوثي كتب لشكري بلعيد : ما أصغر قصيدتي أمامك

لا أعرف ما الذي جعلني أسأل الشهيد شكري بلعيد في حوار اجريته معه قبل إغتياله بأيام :  » ماذا تهدي للشعب التونسي ؟ » مع أني لا أحب هذه الاسئلة، فقال « أهدي له قصيدة مريد البرغوثي: لي قارب في البحر »، كتبت ذلك وقتها ولم أكن أعرف القصيدة ولا كثيرا عن الشاعر،
حتى أن شكري بلعيد قرأ مطلع القصيدة ولكني وقتها لم أنتبه لمعانيها .. فقط كنت أريد أن أفرغ من عملي وكفى.. وعندما اغتيل شكري تذكرت هديته، تذكرت أمر القصيدة، قرأتها.. كان مطلعها يقول 

لي قارِبٌ في البَحْرِ روحي أبْحَرَتْ مَعَه
كَفّايَ مجذافاهُ والعينان قِنديلاه
والأضلاعُ أضْلُعُه
لا النَّجْمُ لاح لمُبحِريه
ولا بدا لنواظرِ الأحبابِ مَطْلَعُه

أدركت أنه تنبأ باستشهاده.. وبعد أيام كتب مريد البرغوثي لشكري : ما أصغر قصيدتي أمامك

وفي حوار أجريته معه في جريدة المغرب تحدث البرغوثي عن تونس عن الحرية وقال : أنا مؤمن ان الحرية قادمة، إيقاع عصرنا سريع إلى حد لم نعرفه في السابق. فلا القوة باقية ولا الضعف باقٍ. كل ما في الأمر أن الأوغاد سيجعلوننا ندفع دماً أكثر وننتظر سنوات أطول

 
كذلك سألته إن تجاوز أثر فقد رفيقة دربه رضوى، التي توفيت وقتها، فقال : نحن، رضوى وتميم ومريد، عائلة صغيرة تعرضت دائماً لمصاعب كبيرة وهذا علّمنا أن نكون، أو نحاول أن نكون، أقوياء في وجه اي كارثة. والفقد هو الصعوبة القصوى والمنعطف الأخير. علمتنا قسوة حياتنا أن لا ننهار تماماً. من أعظم معاني الحياة تحمّلها عندما تثقل وتضغط. رضوى واجهت مرض الدكتاتورية ومرض السرطان (وهُما واحدٌ) بشجاعة استثنائية واحتفظت بقدرتها على الابتسام حتى اللحظات الأخيرة، ولا يليق بنا أن لا نليق بها . نعم . تميم وأنا نحاول أن نتحمل
ارسلت له مؤخرا رسالة ولم يجبني، لم أدرك أنه كان مريضا.. لأعرف بعد ذلك أنه رحل يوم أمس في عيد الحب

سيماء المزوغي