محمد كمون، عميد قضاة التحقيق، تم عزله لأنه أصر على الحفاظ على استقلاليته كقاض

محمد كمون سنة 2019 رفض تعليمات رئيس الحكومة يوسف الشاهد باصدار قرار إيقاف خصمه السياسي نبيل القروي لازاحته من سباق رئاسة الجمهورية وتقليص حظوظ حزبه في التشريعية بإعتبار أن تقرير الاختبار الذي على ضوئه يمكن تحديد المسؤولية لم ينجز بعد، وباعتبار أن ادلة الادانة التي توجب الايقاف لم تتوفر بعد في اوراق الملف، فما كان من الشاهد عبر الطيب راشد سوى تشكيل دائرة اتهام على المقاس تولت اصدار بطاقة الإيداع في قرار هو فضيحة قانونية بأتم معنى الكلمة

بعد ان تورط يوسف الشاهد وطنيا و دوليا في مسألة ايقاف نبيل القروي بإعتبار كون الانتخابات الرئاسية أصبحت مهددة ببطلان نتيجتها وبعد ضغط من البرلمان الأوروبي و من إتحاد الشغل وعديد الاطراف الأخرى حاول الشاهد الضغط مجددا على قاضي التحقيق قصد إطلاق سراح نبيل لكن محمد كمون رفض الانخراط في هته الحسابات السياسية ورفض مطلب السراح باعتبار أن من أصدر قرار الايقاف هو سلطة أعلى من قاضي التحقيق أو بعبارة أخرى: إلي شبكها يخلصها

ثم بعد أن أجريت الانتخابات الرئاسية و التشريعية وبعد ان تغير المشهد السياسي و تغيرت موازين القوى في تونس و أصبح نبيل القروي يقود ثاني حزب في البلاد من حيث عدد المقاعد في البرلمان، ورد تقرير الاختبار الذي اثبت تورط هذا الاخير في الفساد فما كان من محمد كمون سوى تطبيق القانون و اصدار بطاقة ايداع في حق نبيل ولم يكترث ابدا للجانب السياسي و لا لتوافق الشيخين الغنوشي و القروي و لا لنفوذهما في إدارة شؤون البلاد

محمد كمون هو ايضا من لم يرضخ للضغوطات المتكررة من هذين الحزبين و اشترط لسراح نبيل القروي تأمين مبلغ عشر مليارات وكالعادة يتوجه السياسيون لدائرة اتهام على المقاس لتركيب اساليب قانونية بعيدة عن قاضي التحقيق للإفراج عنه

و أخيرا محمد كمون اصر على استقلاليته تجاه الجميع بمن فيهم قيس سعيد ورفض إيقاف خصومه السياسيين بدون أبحاث مكتملة و أدلة إدانة واضحة

أعرف جيدا محمد كمون و اعرف انه قاض مستقل عن كل الأحزاب السياسية ولا يخضع لأية أوامر من قبل اي طرف كان مهما بلغت درجة نفوذه وسلطته ومشهود له من الجميع بالكفاءة والتميز والنظافة والاستقلالية

عزل هذا الرجل هو خسارة كبيرة للقضاء التونسي ودليل على بعدنا و رفضنا الكبير لإستقلالية القضاء

أرجو من صميم قلبي أن يعيد رئيس الجمهورية النظر في قراره حول هذا الرجل و حول كل قاض عزل ظلما حتى لا يقال أن قيس أخذ بثأر نبيل القروي و راشد الغنوشي و يوسف الشاهد من محمد كمون وحتى لا يقال أن قيس سعيد و نور الدين البحيري سواء

و لكم سديد النظر سيدي الرئيس

فتحي الجاموسي