لن تستطيعوا إبعاد الغنوشي عن رئاستكم مهما حاولتم فالنهضة ومالها ومكاسبها ملك يمينه يورثها لمن يشاء

أقول للموقعين المئة وأنصارهم وأعرف الكثيرين منهم : « لن تستطيعوا ابعاد راشد عن رئاستكم مهما حاولتم فالنهضة ومالها ومكاسبها ملك يمينه يورثها لمن يشاء ولعل ازاحته من رئاسة البرلمان يسهل عليكم الأمر. » وان كنتم لا تعرفون شيخكم فانتظروا قليلا فستعرفونه على حقيقته

أحمد المناعي

********

شقوق النهضة : 100 توقيع ضد مرشد الاخوان من اخوانه

بسم الله الرحمن الرحيم
تونس 15 سبتمبر 2020

ديمقراطية النهضة بين مخاطر التمديد وفرص التداول

انطلقت الحركة في الإعداد لمؤتمرها الحادي عشر بناء على قرار مجلس الشورى في دورته الاربعين المنعقدة يوم 27/06/2020 القاضي بإنجاز المؤتمر قبل موفى السنة الحالية (2020). وقد بدأت لجنتا الإعداد المادي والمضموني منذ أيام الأعمال التحضيرية. يأتي ذلك في سياق وطني صعب، سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية. وهو وضع زادته جائحة كورونا تعقيدا ودقة. ويعلق أبناء الحركة على هذه المحطة المهمة آمالا كبيرة. حيث يتطلعون لتطوير حركتهم وتجديدها بما يجعلها أقدر على أداء دورها الوطني

يمثل هذا المؤتمر منعرجا حاسما ومفصليا في تاريخ الحركة والبلاد. وهو كذلك لأنه يضع التحديات المرتبطة بالشأنين الداخلي / الحزبي والوطني / التونسي جنبا إلى جنب الشيء الذي يؤكد وثوق الارتباط بين المستويين، فبقدر ما تكون حركة النهضة متماسكة وقوية وموحّدة يكون أداؤها السياسي الوطني أنجع وأفضل. وبقدر النجاح في التوافق الداخلي وتكريس الديمقراطية الداخلية بقدر ما يكون النجاح في اعادة بناء التوافق الوطني وتهدئة المناخات المتوترة في البلاد على أسس متينة

وقد اثبتت التجربة التي اعقبت الثورة ان الحركة أدت دورًا محوريا في مسار بناء الديمقراطية، وذلك بفضل جهود أبنائها وأنصارها وحكمة قيادتها. غير أن ذلك لا يحجب النقائص والاخلالات التي بدأت منذ المؤتمر العاشر الا انها تجلت بوضوح بعد الانتخابات البلدية وخصوصا التشريعية والرئاسية لسنة 2019. وهو ما أدى إلى تراجع سياسي بيّن زاده الإيغال في التكتيكات اضطرابا وتوتّرًا، إضافة إلى بروز مؤشرات تنذر بمخاطر تهدد تماسك الحركة ووحدتها كما تهدد قيمتي الحرية والديمقراطية كمكسبين أساسيين للثورة

ليست النهضة اليوم بمنأى عما يتهدد كل الكيانات جراء تراكم الأخطاء التي أدت الى التراجع الملحوظ في خزانها الانتخابي، والشلل الذي تعيشه المؤسسات ومختلف الهياكل المحلية والبلدية والجهوية والمركزية. يضاف الى ذلك الاستنزاف المتواصل لأرصدتها القيادية والانسحابات المتكررة لثلة من القيادات والرموز التاريخية الوازنة بعد المؤتمر العاشر

تحتاج تونس الى نهضة موحدة ومتجددة فكرا وقيادة تشكل نموذجا حيا في ممارسة الديمقراطية وتتحمل المسؤولية في إدارة أوضاع البلاد والتصدي لمشكلاتها الهيكلية. ولا يحصل ذلك الا في ظل مناخات خالية من التجاذبات والاصطفافات

ومن اوكد شروط نجاح المؤتمر وتحقيق اهدافه في التجديد المضموني والهيكلي وفتح افاق المستقبل هو ضمان تحقيق مبدا التداول القيادي في رئاسة الحركة مع المحافظة على دور رئيسها وأبرز مؤسسيها وتطويره وذلك للأسباب التالية

أولا: التداول قيمة وآلية

1 – التداول يمنع الاستئثار بالسلطة ويحول دون مركزتها، ويحقق التنوع والتجديد في القيادات والبرامج
2 – التداول سنة مهمة تساعد على احياء الفكرة وتجدد المشروع: الانتقال من قيادة تاريخية زعاماتية الى تجربة جديدة قوامها المؤسسات والعمل الجماعي، تعطي نفسا جديدا وتفتح آفاقا واسعة لإحداث قيمة مضافة وتجسد حقيقة الانعطافة الاستراتيجية التي نصت عليها لوائح المؤتمر العاشر
3 – التداول القيادي يدعم وحدة الحركة ويقوّي تماسكها ويحيي فكرها ويعزز منسوب الثقة داخلها، ويجنّبها مخاطر التصدع والانقسام. جدير بالتذكير انه من الناحية التاريخية، لم يحدث التداول في حركتنا الا اضطرارا ويمثّل تحقيقه في هذا المؤتمر سابقة تاريخية مهمة.
4 – التداول القيادي يساعد على بلورة منوال نهضوي بدأ بالتأسيس لنموذج توافق وطني يشاد به في الاوساط الدولية وجب استكماله بتوافق حزبي داخلي جوهره التداول.
5 – التجارب المقارنة في الدول والمنظمات والاحزاب تؤكد اهمية التداول في تحقيق النجاعة والفاعلية. ولا عبرة في القول بصلاحيته للدول دون الاحزاب.
6 – التداول أساس من أسس التعاقد الجماعي داخل الحركة منذ المؤتمر الثامن. وقد تأكد هذا الأساس في المؤتمر التاسع ثم العاشر بالتنصيص عليه في دستور الحزب (النظام الاساسي) فأصبح مبدأ دستوريا حزبيا لا خلاف حوله.
7 – التداول اختبار فعلي لمدى ديمقراطية الحركة والتزام قيادتها به. انه التكريس الحقيقي لنموذج الحزب الديمقراطي الوطني. فنحن نستقبل مرحلة التحول من قيادة الزعيم المؤسس الى المؤسسة القائدة. وهي مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتق كل قيادات الحركة وأبنائها وعلى رأسهم الاستاذ راشد الغنوشي. كما انها اختبار ديمقراطي للجميع.
8 – التداول ينسجم مع السياق الوطني العام الذي يثمّن قيم التجديد والتغيير ويبدي حساسية عالية جدا ضد التمديد والتأبيد. إنه سياق ما بعد الثورة حيث يسود مزاج شعبي يرفض التلاعب بالدستور ويستهجن التشريع للرئاسة مدى الحياة. وهو ما يفترض انفاذ الفصل 31 من دستور الحزب (النظام الاساسي).
9 – التداول القيادي رسالة قوية تؤكد احترام القانون شكلا ومضمونا. إن احترام العقود والقوانين هو ارفع درجات الوعي المدني والسياسي وأرقى مستويات الحس الحضاري وهو قيمة دالة على رفعة الوعي وسموّه.
10- التداول القيادي يعزز من مصداقية شخصية رئيس الحركة ورصيده التاريخي الذي ما فتئ يؤكد في كتاباته واسهاماته على معاني التداول والتغيير والتجديد. ولا شك ان التجديد المطلوب يجب ان يكون في كافة هياكل ومؤسسات الحركة وليس فقط في قيادتها.

ثانيا: مخاطر التمديد وتغيير القانون

وبالمقابل، فإنّ العمل على تغيير القانون الداخلي لتمكين رئيس الحركة من البقاء في الرئاسة لدورة جديدة تحت ذريعة « المؤتمر سيد نفسه »، سيكون أمرا بالغ الضرر على جميع الأطراف. وفي مقدمتها رئيس الحركة، وسوف يؤثر سلبا على مناخات اعداد المؤتمر، ويؤدي الى العديد من المخاطر نذكر منها ما يلي
التمديد ينسف المصداقية الأخلاقية للحركة. فتغيير الدساتير والقوانين لتمكين الرؤساء والحكام من مواصلة البقاء في السلطة هو فعل من طبائع الاستبداد والحكم الفردي الذي قامت عليه ثورة 14 جانفي. بل انه يؤدي الى تآكل رصيد المصداقية الذي تتمتع به الحركة
2 التمديد رسالة سيئة تضرب الصورة الايجابية الخارجية للحركة في العمق: إنّ التمادي في سدّة القيادة زمنا طويلا من شأنه أن يعود بالحركة والبلاد الى مقولة « الرئاسة مدى الحياة » التي ارتبطت بمرحلة ما قبل الثورة عبر تعديل الدستور وتطويع القانون للاستمرار في سدة الحكم. فهل يعقل أن نسير على خطى هذه السنة السيئة التي ناضلنا ضدها طويلا!؟
التمديد يؤدي الى الانقسام والتشرذم وذهاب الريح (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). وهو ما سوف يحدث زلزالا في صفوفنا الداخلية لا تحمد عقباه. وسيخلّف مناخا يشوبه التوتر والتنازع
4 التمديد يشرع لإضعاف الحركة ويبرر للمزيد من الانسحابات، كما يفقد الثقة فيها ويسهم في اضعافها وتخلي أبنائها عنها
5– التمديد يضر بالوضع الديمقراطي بالبلاد ويقدم مثالا سيئا للأحزاب. فهو يعبر عن فشل ذريع في امتحان الديمقراطية، ويشجع على استهداف المنظومة الحزبية ويغذي النزعات الشعبوية الداعية الى اقصائها وابطال دورها في المشهد السياسي العام
6 – شعار » المؤتمر سيد نفسه » هو كلمة معقولة من زاوية وغير معقولة ولا مقبولة من زاوية أخرى. فهي معقولة من زاوية قانونية شكلية ولا خلاف في ذلك لأنها ترمز الى حرية الارادة الجمعية للمؤتمرين واهليتهم وولايتهم المطلقة. ولكنها من زاوية اخرى من حيث روح القانون ومقاصده تفقد كل وجاهة ومعقولية. فإرادة المؤتمرين مطلقة فيما وقعت إنابتهم في التقرير بشأنه من قضايا وما تمّ التوافق حوله. وغياب المعقولية في هذه المقولة يكمن في خلفية الذهاب للمؤتمر بقضية محسومة قانونا مذمومة عقلا ونقلا ومصلحة. وطرحها والمغالبة من أجل إنفاذها يهدد وحدة الحركة ويفوت عليها فرصة التجديد والتطوير
7 – التذرع بعدم وجود البديل المؤهل لرئاسة الحركة هو حجة لا أصل لها في تاريخ الاجتماع السياسي لاعتبارات كثيرة اهمها ان التأهل القانوني مضبوط بشروط نص عليها دستور الحزب اما التأهل السياسي والاقتدار القيادي فهو عملية نسبية ومكتسبة ولجل قيادات الحركة منها نصيب قابل للتطور
وفضلا عن ذلك، هل يعقل ان نتحدث عن حركة عريقة راكمت خبرة وتجربة ثرية طيلة خمسة عقود ثم نقول إننا نفتقد إلى بديل عن القيادة الحالية!؟ ألا ينطوي هذا القول على تناقض وعدم احترام لكفاءات الحركة وثرواتها البشرية؟
8 – التذرع بأن رئيس الحركة ضمانة لوحدتها ينطوي ايضا على مغالطة. وذلك بربط وجود رئيس الحركة تحديدا في رئاستها، اذ يمكن له ان يكون عنصر توحيد للحركة، بل من واجبه ان يكون كذلك، دون الوقوع في محذور التمديد وتحوله الى تهديد فعلى لوحدتنا. ولقد مرت الحركة بظروف المحنة وحافظت على وحدتها دون وجود مباشر او حضور قريب وميداني لقيادتها
9 – التذرع بالطموح السياسي والدور الوطني الذي يتطلب وجود رئيس الحركة في موقع رئاستها هو امر لن ينتفي بإنفاذ التداول بل قد يتطور ويزيد دون الحاجة الى جعله حكرا عليه دون غيره
10– التذرع بان التداول فيه الغاء لدور رئيس الحركة: جدير بالذكر التأكيد على انه لا غنى للحركة عن رئيسها. وهي في حاجة الى استمرار دوره. وهناك تجارب احزاب عريقة في العالم تقدم لنا نماذج يمكن الاستفادة منها. فيمكن ان يكون لرئيس الحركة دور في اي موقع اخر من مواقع الإفادة مما يستقر عليه التقدير العام
إن التخفف من الدور الحزبي يتيح فرصة دعم واسناد أكثر نجاعة وأريحية. كما أن التفرغ للدور الوطني في موقع المسؤولية الحالية في رئاسة البرلمان او في مواقع اخرى يؤمّن لرئيس الحركة الحالي قدرة أكبر على الفعل ويفيد الحركة أكثر، فضلا على ان الجمع بين المهمتين له آثار سلبية مثلما هو حاصل اليوم في القيام على شؤون الحركة وتدبير امورها وعلى رئاسة البرلمان من تلقاء جمعها مع رئاسة الحركة. وبإمكاننا ان نهتدي إلى الانسب من الصيغ ليكون هناك دور غير موقع الرئاسة وذلك ضمن رؤية هيكلية جديدة تحد من مركزة السلطة لدى رئيس الحركة وتمأسس أدوار غيره وفق صلاحيات وعلاقات يتولى تحديدها وتنظيمها دستور الحزب دون تشتيت او تفكيك لسلطة القرار
لهذه الأسباب جميعها، فإنّنا نحن الموقّعين أدناه من أبناء الحركة، ومن منطلق حرصنا على نجاح هذا المؤتمر والحفاظ على مصداقية رئيس الحركة نفسه وتاريخه ومكانته ومن منطلق نصحنا له بأمر الرسول الكريم في قوله صلى الله عليه وسلّم « الدين النصيحة »، نطالبه بالإعلان الصريح عن عدم ترشحه واحترام الفصل 31 من النظام الأساسي باعتباره مبدأ دستوريا أعلى، تحقيقا للتداول القيادي وفسح المجال لقيادة جديدة، حتى تتجه الاهتمامات والمشاغل إلى مضامين المؤتمر بالإثراء والإغناء، وأن يكون هو عونا فاعلا على ذلك
نأمل ان يحظى هذا الطلب بتفاعل إيجابي من رئيس الحركة فيحفظ له التاريخ ذلك وتكسب منه الحركة والمشروع والبلاد مكسبا كبيرا. كما نأمل ان لا يتجاوز هذا التفاعل الايام القليلة القادمة حتى نضمن توفير المناخ الأفضل لإنجاح المؤتمر ويتحمل الكل مسؤوليته التاريخية
نشهد الله تعالى أننا ما قلنا بهذا الرأي وما نقف هذا الموقف إلا إخلاصا لله تعالى وحرصا على مصلحة الحركة والبلاد، نداء للواجب وصرخة للإنقاذ وإبراء للذمة ودعوة للإشهاد، والله على ذلك شهيد
والله الموفق وهو الهادي الى سواء السبيل