رؤساء لكنكم أعداء ولقد فشلتم في مواجهة الوباء

أيّها الرؤساء الثّلاثة

زينب التوجاني

بينما يشيّع التونسيون ضحاياهم في إجراءات حداد استثناية قاتمة، وبينما يعانون أزمة اجتماعية خانقة تتسابقون بنا نحو الهلاك والخراب. وليس من حقكم التناحر والتسابق بينكم نحو حتفنا الجماعي، وليس من حقكم أن لا تضعوا خطة للحوار فيما بينكم، وليس من حقكم أن تمزقوا هذا البلد الجريح. فمعركة التونسيين ضد الوباء وضد البطالة والتمزق الاجتماعي تحتاج خطة جماعية عاجلة لوضع مسار النجاة الجماعي وإلا فإن ترك الحابل على الغارب ينذر بالخراب العميم والألم الذي سنتوارث مرارته جيلا بعد جيل بعد أن نتسبب في موت الأعزاء وترك الضعفاء منا تصفيهم الطبيعة العمياء والنظام السياسي الأعمى عن مصالح الناس يزيد الطين بلة ويذهب بنا نحو الانهيار الشامل

رؤساؤنا الثلاثة يعبرون عن كامل أسفهم لما آل إليه الوضع في البلاد من انهيار المعنويات وارتفاع عدد الضحايا وتفشي الكورونا، وهم يقومون بما في وسعهم ليبرزوا للشعب مشاعر قلقهم وانشغالهم العميق بالوضع الوبائي والاقتصادي والاجتماعي. وسجلنا في هذا الخصوص تحركات استثنائية لكل واحد فيهم

أدّى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، مساء 8 ماي 2021، زيارة إلى مقر وزارة الداخلية أين شارك السيد المدير العام للأمن الوطني والسيد آمر الحرس الوطني والسيد المدير العام للحماية المدنية وثلة من إطارات الوزارة وأعوانها مأدبة الإفطار وقد انتقل رئيس الدولة، إثر ذلك، مترجلا الى جامع الزيتونة المعمور أين أدى صلاة العشاء. لكن اللقاء لم يحضره وزير الداخلية بالنيابة السيد المشيشي، والذي فجر غيابه أو تغييبه أسئلة حول رمزية الزيارة الرمضانية التي شفعت بالصلاة في الزيتونة على طريقة الخليفة عمر بن الخطاب. ولا نعلم باستثناء استقبال طائرة المساعدات المصرية بم ساهم الرئيس في معركة الوباء؟ ولم نر معاضدة الجيش للأمن في تطبيق اجراءات الحكومة الأخيرة

الغنوشي رسول الله للتونسيين لهدايتهم والشفاعة فيهم على ما يقدم نفسه إلينا وبدرنا في الليلة الظلماء، وضع خطة استثنائية لمواجهة ارتفاع عدد الضحايا وارتفاع المصابين وانهيار المنظومة الصحية: عنوان هذه الخطة:  » دعاء دفع الوباء » و بذل ما في وسعه بالدعاء للمرضى والجائعين والمنكوبين والعاطلين والمعنفات والمطرودات والأولياء العاجزين عن توفير اللقمة لابنائهم ولم يفته أن يهنئ الشعب التونسي والأمتين العربيّة والاسلاميّة بعيد الفطر المبارك، ويدعو لهم بقبول الله الصيام والقيام . ناشرا على صفحاته وفي البيانات الرسمية لحزبه هذه الدعوات والابتهالات والصلوات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تدفع وباء ولا تقلص عدد المصابين. لكن في المقابل أحذ هو اللقاح وصفوة من قومه وأحبابه وأصحابه ولم يكتفوا بالدعاء لرفع الوباء

السيد المشيشي أيضا عبر عن قلقه وأطلق صرخة فزع في خطبته، وقدم إجراءات قليلة جدا متاخرة عن وقتها المناسب وتراجع عن بعضها بعد ساعات فيما تدخلت يمينة الزغلامي معلنة على صفحتها بالفايسبوك أنها أعلمت رئيس الحكومة بغضب تجار الاسواق فوعدها بتغيير الاجراءات، وكذلك غير ما يتعلق بالمساحات التجارية الكبرى بعد ساعات من إعلان الحجر التام وحظر المساحات الكبرى من النشاط، وهكذا فإن رئيسا للحكومة باجراءات تتغير كل ساعة وبرئاسة تملك القدرة العسكرية على دعم قراراته ولا تدعمها يبدو عاجزا عن تقديم حلول للمواطنين وفيما ننتظر منه حلولا عملية تلقينا خطبة تحملنا نحن مسؤولية ما يجري عوض الاعتراف بفشل الحكومة في التعاطي مع الوباء

لو كنتم متحدين لكان الأداء أفضل ولأنقذتم أرواحا فقدناها، انتم تتخاصمون والمركب يزداد غرقا، تقدمون الشعب قربانا على مأدبة خصامكم وتلتهمون لحمه نيئا ويتقاطر عرق الكادحين والكادحات من أفواه نهمة تحركها شهوة السلطة والحكم، تتمسكون بكراسيكم وهي لا تنفع لا في دفع الفقر ولا الوباء ولا الأزمة الخانقة فيما تتعمق مديونيتنا وأزمتنا وتغرق بلادنا في الحزن والقلق الاجتماعيين. لقد فشلتم في حكم البلاد فاستقوى عليكم المجتمع وتجار الأحياء الشعبية والمافيات وقوى التهريب ولم تستطيعوا إيجاد حلول للبلاد ولا حتى زرع قبس أمل للناس، تتعادون فيما بينكم وتعمقون التمزق الاجتماعي وبسبب ايحائكم الرمزي بالصراع وبسبب العنف الذي تسببه الأزمة السياسية وتمزق السلط الثلاث تتمزق الأسر التونسية وتزداد انعكاسات صراعاتكم على النفسية الجماعية والأسرية وتتداعى العائلات في القلق والصراع والعنف. لم يعد وجودكم له فائدة رمزية ولا مباشرة محسوسة فقد فشلتم في تحقيق النفع للوطن وللمواطنين على كل المستويات

لقحتم أنفسكم وتركتم شعبكم يواجه مصيره وبطالته وفقره وحزنه وعجزه وألمه فاعترفوا بفشلكم الذريع وتسببكم في تعميق مآسينا واحفظوا مياه وجوهكم بقرار أخير: استقيلوا من رئاساتكم المدمرة للوطن. استقيلوا.. فقد عمقتم الأزمة بكل وجوهها وفشلتم في مواجهة الوباء

بقلم زينب التوجاني