دفاعا عن الشيخ عثمان بطيخ

يتعرّض الشيخ عثمان بطيخ إلى حملة تشويه بعد أن انتشر خبر إحالة ملف الحج لسنة 2015 إلى قطب القضاء وذلك عقب شكاية رفعها أحد أعوان حزب التعويضات ردا على عزل الشيخ أئمة التطرف وهم الجوادي والبشير بن حسن ونور الدين الخادمي ولأنهم لم يجدوا للشيخ نقيصة أو خطأ افتعلوا مسألة الحج هذه، الخطأ الوحيد الذي ارتكبه الشيخ في نظر خصومه هو أنه لم يعلن ولاءه لمن جاء بعد أحداث 14 جانفي بل مارس مهامّه وفق ما يقتضي الحياد السياسي والخلق القويم وتفصيل ذلك أنه منذ أن عُيِّن نور الدين بن حسن الخادمي وزيرا للشؤون الدينية ورغم أنه لا علاقة له بالإفتاء إلا أنه بادر بعرض مقترح لإنشاء مجالس فقهية جهوية بحجة أن الإفتاء الفردي لم يعد له موجب لأن الإفتاء في الشمال هو غيره في الجنوب وفي البرّ هو غيره في البحر وفي أعالي الجبال هو غيره في الحُفر والهدف ممّا ذكر خلق مجالس وهمية من شأنها أن تقضي على مركزية الفتوى بتوزيعها وتفتيتها على الجهات من ناحية ومن ناحية ثانية التخلص من المفتي الذي عيّنه الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي رحمه الله لأنه فيما ظهر لهم لن يكون طيِّعا ومنفِّذا لرغبات الحكام الجدد(1)، هذه الحملة التي استهدفت تنحية الشيخ المفتي شارك فيها العديد من بينهم هشام قريسة رئيس جامعة دواعش الزيتونة الكائن محلها في رحبة الغنم يقول في حديث له : « دور المفتي كان مجرّد دور تبريري لِما تقوم به السلطة…. ولذلك من يقبل المناصب وخصوصا من له صلة بالشرع هم أناس ليس لديهم برنامج أساسي في التغيير هو قبول للامتيازات مقابل التخلي عن أي دور في الأمة » (2) وبطبيعة الحال لا يقصد بالتغيير تغيير السابع من نوفمبر بل التغيير الذي جاء بالثالوث للحكم (النهضة والمؤتمر والتكتل)

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا كلّ هذا العداء والعدوانية تجاه الشيخ عثمان بطيخ؟ لم يتخذ الشيخ أثناء توليه هذا المنصب من المواقف إلا ما يتلاءم مع المصلحة الوطنية وفي اتساق كامل مع الشرع ولم يستجب لرغبات الثالوث الحاكم بل رفضها واعترض على بعضها وهو ما صرّح به في السنة الماضية قال: « وأنتم تعلمون أن ضغطا مورس علينا بعد الثورة لمّا صدعنا برأينا حول القتال في سوريا الشقيقة وجهاد النكاح وبينا رأي الشرع وما هي ردّة الفعل التي كانت في تلك الفترة »(3) وتفصيل ذلك فيما يلي

1) في مسألة تسفير الشباب إلى المحرقة السورية عبّر الشيخ صراحة عن رفضه له ورفضه لجهاد النكاح وضرورة التصدي لهما من طرف الحكومة(4) وذلك في الفترة التي كانت فيها الحملة على سوريا مستعرة وإرسال الشباب هناك بالآلاف

2) دعا رئيس حزب حركة النهضة الإخوانية إلى قبول توبة المجرمين الإرهابيين القادمين من سوريا إلا أن فضيلة الشيخ المفتي صرّح للصحافة بأن هذه التوبة « تقية وخداع »(5)

3) لمّا تولى الشيخ عثمان بطيخ وزارة الشؤون الدينية عزل الأئمة الذين عُرفوا بدعوتهم للتطرف والإرهاب واستغلالهم للمساجد ومنابرها للترويج لأفكار يجرّمها القانون وقد طالت هذه التنحيات البعض من رموزهم كالخادمي والجوادي والبشير بن حسن إلا أن حزب حركة النهضة ونقابة الأئمة التابعة له أقاما الدنيا ولم يقعداها في الجرائد والتلافيز والمذاييع وقد وصل الأمر إلى حدود منع المصلين من أداء صلاة الجمعة في جامع سيدي اللخمي لمدّة شهر كامل في سابقة لم تعرفها البلاد الإسلامية جميعها طوال تاريخها، ونتيجة للضغط السياسي الذي مورس عقب تنحية أئمة التشدّد تمّ عزل فضيلة الشيخ وإعادته إلى الإفتاء

والذي تهمنا الإشارة إليه أن الشيخ بقي ملتزما بالنهج الذي سار عليه أسلافه فلم يخاصم السلطة كما أنه لم يبرّر لها سياساتها بل كان فهمه للشرع والتزامه بأحكامه ومقاصده ظاهرا وجليّا في كل ما نشر بجانب حسّ وطني مُرهف تشعر به في موقفه من تسفير شبابنا إلى المحرقة السورية أو جهاد النكاح أو ادعاء توبة المجرمين، لهذه الأسباب خاصمه الجماعة وبقوا يتصيّدون له علهم يعثرون على زلّة يتخذونها حجّة للتخلص منه فلا تظلموا من دافع عن الوطن ولا تنساقوا وراء أكاذيب الإخوانجية فالشيخ أنظف من النظافة نفسها قد تتفق معه أو تختلف ولكنه طاهر الذمة والعرض وفوق ذلك وطني لا يرضى له بالذلة وهي شهادة عارف من

بقلم أنس الشابي

الهوامش

1) حول اقتراح الخادمي وردّ الشيخ المفتي انظر جرائد التونسية والشروق والمغرب بتاريخ 27 جانفي 2012 والشروق في 29 منه.
2) جريدة الضمير بتاريخ 2 فيفري 2012.
3) جريدة الشارع المغاربي بتاريخ 28 مارس 2016.
4) جريدة الصريح 28 سبتمبر 2013.
5) جريدة الصباح 9 ديسمبر 2016.