حتى لا تفقد تونس مناعتها

نبه صندوق النقد الدولي في آخر بيان له التونسيين إلى مخاطر اقتصادية من أهمها تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.2 في 2020 وهي أعلى نسبة تباطؤ اقتصادي منذ الاستقلال. ولقد تفاقمت نسبة البطالة ب16.3 وتفاقم عجز الميزان التجاري بقرابة 20 بالمائة وازدادت المديونية بشكل جنوني حتى صارت ميزانية الدولة لا تكتمل إلا بالاقتراض بنسبة 20 بالمائة على الأقل. وارتفع الدين العام المركزي إلى قرابة 87% من إجمالي الناتج المحلي. أزمة اقتصادية خانقة دفعت الحكومة إلى التوجه للمزيد من التداين واقتراح رفع الدعم والقيام بإصلاحات موجعة من بينها تجميد الأجور والانتدابات

مقترحات جاءت في سياق اشتد فيه الصراع بين الرؤساء وتعالت الحرب في العلن وفي الخفاء، فأطلقت حركة النهضة حملات مباشرة وغير مباشرة لتشويه وشيطنة قيس سعيد فيما شن الرئيس بدوره حملاته في مواقع سيادية ملمحا تارة ومصرحا طورا إلى خصومه بكونهم سبب الانهيار السياسي والاقتصادي ووراء المخاطر التي تهدد البلاد. وفي أتون هذه الحالة المحبطة من الانسداد السياسي والجمود الاقتصادي يتحول إلى حزب من كانوا في السابق روابط حماية الثورة فيمسي هؤلاء قادرين على جمع الأموال والتصرف فيها بشكل أكثر حرية والقيام بأنشطة وتحركات تتيحها لهم صفة الحزبية والسعي للتغلغل عبر هذا الحزب في دواليب الدولة والمجتمع، إلى جانب إخوانهم في حركة النهضة الذين يتقاسمون معهم الأدوار لتجسيد مخططاتهم الجاهلة. ويعني ذلك فيما يعنيه المزيد من الهواة والشعبوية وقلة الكفاءة لمواجهة مخاطر مدمرة عاصفة بالأوطان هذا إلى جانب الأضرار البعيدة المدى الثقافية والاجتماعية لهذه الأحزاب الرجعية

حالة من الفوضى والأداء السياسي الرديء والتخبط في اتخاذ القرارات وتضارب المصالح والتفكير في المدى القصير على حساب البحث عن حلول حقيقية وعملية للبطالة والأزمة الاجتماعية التي تلوح في الأفق دامية تنذر بجرائم جديدة وهزات عنيفة ومآسي اجتماعية لا تحصى بسبب الظروف المزرية للشباب العاطل والنساء المفقرات وللطبقات المتوسطة والفقيرة والضغوط المتزايدة. حالة جعلت تونس في وضع تنتظر فيه الهبات من المنظمات الدولية لتلقي التلاقيح والإعانات على مجابهة كوفيد، وجعلت تونس تواجه الوباء بالقضاء والقدر وابسط الإمكانيات وتترك المواطنين عزلا في مواجهة تلك الأقدار أمام صمت رؤوس أموال تونسية لا تستشعر المخاطر التي تحدق بالبلاد أو لا تهتم بها أو لا تعني لها تونس سوى بقرة لتحلبها وتأكل من لحمها فإذا جف ضرعها انتهت الحاجة. وهكذا فإن الأزمة التي أمست مزمنة واستفحلت بكوفيد الساسة والطبيعة والتي لا تجد قوى حاكمة متضامنة لمجابهتها وإنما تخير القوى السياسية الصراع على التعاون والدفاع عن المصالح الضيقة على العمل لأجل الصالح العام ولخير الجميع. فترى الطبقات العاملة متمسكة بحقوقها النقابية والعاطلين يتمسكون بحقهم في التشغيل واصحاب الثروات يتهربون من دفع ضرائبهم والقيام بواجبهم وينكمشون في هذه الازمة الحادة بسبب الكوفيد. وبينما يعاني الناس أثر سياسات رعوانية وشعبوية ويمكن وصفها بغير الوطنية فإن المواطن البسيط الذي يهددونه برفع الدعم ومضاعفة الخبز والطماطم وابسط الحاجيات الأساسية سيدفع ثمن صمته ولامبالاته بالسياسيين واخطا راسي واضرب..على المواطن التونسي ان يعي اليوم حجم الخطر الذي يهدده في قوت يومه واستقلالية بلاده ومناعتها من السقوط في الاستعمار من جديد بسبب الإفلاس والإفراط في التداين وأن يقول للسياسيين جميعهم كفى لهوا ..آن لكم أن تجدوا حلا قبل فوات الأوان…تلك مسؤوليتكم الأولى والأخيرة وإذا كنتم غير قادرين استقيلوا

بقلم زينب التوجاني