بعد عقود من الطمع، العربي القاسمي يستقيل من حركة النهضة الإخوانية لأنه لم ينَلْ قِسْطَه من الغنائم

في رسالة استقالة من الفرع المحلي للتنظيم الدولي للإخوانجية نشرها صباح اليوم عضو مجلس شوراهم العربي القاسمي على صفحته  أكد أن استقالته سببها تغييبه عند اقتسام الغنائم وهو ما ينسحب كذلك على بقية الاستقالات وبطبيعة الحال غلف كلامه بسيل من المترادفات التي لا تعني شيئا في سوق السياسة تأملوا

******

استقالة من حركة النّهضة

هَٰذَا فِرَاقُ بَيْني وَبَيْنِك …….. وسَأنَبِّئُك بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا 
انا العربي القاسمي
انتميت إلى حركة النّهضة منذ منتصف السّبعينات 
عرفت في صفوفها العمل التّلمذي ثمّ الطّلابي ثمّ التّرابي وحوكمت بأحكام ثقيلة في محنتي 1987 و 1991
تحمّلت عدّة مسؤوليات ضمن تنظيمها وباختصار 
كنت مشرف التّنظيم قبل المحنة على منطقة الكاف وسليانة لعدّة سنوات 
كنت مشرف المهجّرين في الجزائر حتّى غادرتها نحو أوروبا 
أشرفت على النّهضة في سويسرا لعدّة سنوات قبل الثّورة وكنت في هيكلها القيادي طيلة إقامتي في سويسرا باستثناء سنتين 
كنت عضو مجلس الشورى في المهجر 
ثمّ عضو الهيئة التّأسيسية 
ثمّ عضو الشّورى 2014 – 2016
ثمّ عضو الشّورى حاليا … وعضو لجنة السّياسات ضمن مجلس الشّورى وأشرفت على، وكنت عضوا في، عدّة لجان وظيفية : لجنة المتابعة، لجنة تقييم مجلس الشورى، لجنة تقييم الوضع القيّادي ولجنة تجديد الهياكل لمرّتين
بعد أن أمضيت في هذه الحركة عقودا عدّة دون توقّف أو انسحاب أو إشكال ودون كلل ولا ملل ولا تردّد … مناضلا صابرا محتسبا في البأساء والضّراء، أحضر عند المغرم وأغيب أو أغيّب عند المغنم ولا أبالي، أعطيت ولم آخذ، ولم أطلب أبدا لنفسي، أجدني اليوم غصبا عنّي وبصفة حتميّة في نهاية المسيرة
في كل محطّات الحركة، وخاصّة العصيبة منها والمفصلية والمصيريّة، كان الأمل يحدوني في الحفاظ على مبادئ التّأسيس وقيّمه وترسيخها وترجمتها إلى سمْت وسلوك وسيّاسات وبرامج وخطابات وأن تصبح هذه الحركة منارة جاذبة ومحور إصلاح أعطاب هذه البلاد ورفع التّحدّيات الكبرى الّتي تواجهها … لكن تتالت التّراجعات فطفح الكيل وبلغ السّيل الزّبى 
استقال من الحركة قيّادات من الوزن الثّقيل ولم يتفاعل النّافذون بحجم هذه الخسارات الموجعة المدوّية
تراجع خزّاننا الانتخابي بشكل رهيب ولم يتفاعل النّافذون بما يوقف النّزيف ويجبر الكسر 
وعود بالإصلاح صريحة وعلنيّة إثر المؤتمر العاشر ذهبت أدراج الرّياح بل وحلّت بدلا عنها كوارث زادت الوضع تعفّنا والمناخات توتّرا والعلاقات فسادا 
تجاوزات لمؤسّسات الحركة رهنت قرارها لأطراف حزبية غير مضمونة وانحرفت بها عن سمتها وأهدافها النّبيلة ووضعتنا في شبه عزلة خانقة وأفقدتنا ما اكتسبناه من حقوق دستوريّة 
جيئ بأناس لا علاقة لهم بالحركة، بل وكانوا منافسين لها ومناوئين، ومُكّن لهم في مواقع القرار العليا وأصبحوا أصحاب نفوذ وقرار على حساب مناضلي الحركة الّذين بنوها بعذاباتهم وتضحيّاتهم وضحّوا من أجلها بالغالي والنّفيس 
لقد أفسدتْ الحركةَ لوبياتٌ مصلحية انتهازية تغلغلت في مواقع القرار فانحرفت به عن غاياته وفرضت الوصاية على آلياته وسخّرته لخدمة غير الوطن فقدّمت وفاضلت الأدنى على الخير … والضّعيفَ على القوي … والعاجزَ على القادر … والنّكرة على العَلَمْ … والانتهازي على المناضل … حتّى لم تعد لي طاقة على تحمّل هذا الغبن والغمط وأصبح لزاما عليّ أن أوقف هذا النّزيف القيمي بما أستطيع أو أتفصّى من أيّ مسؤوليّة عنه

☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

القطرة، أو القطرات، الّتي أفاضت الكأس
– لم يعد للحوار جدوى ولا وللتّوافقات معنى حيث نتحاور لساعات ويتمّ التّراجع بجرّة قلم عمّا نتّفق عليه لينطلق الحوار من جديد بأكثر عبثيّة ودون جدوى 
– تكريس بعض المهام الأساسية التّنفيذية الهامّة والمصيرية بأيدي أشخاص أتوا على مقبوليّة الحركة لدى الشّعب وفشلوا في تسويق صورة إيجابيّة لها وموقعتها موقعا قويّا مستقلّا نافذا ومؤثّرا في المشهد السّياسي بينما الحركة تزخر بالكفاءات : وأتحفّظ عن ذكر مؤاخذات أخرى هامّة جدّا عن بعض هؤلاء الأشخاص
– سيل الشّتائم والتّرذيل الّذي أصبح يتعرّض له أصحاب الرّأي المخالف دون أن يحرّك رئيس الحركة ساكنا 
البارحة غادرتُ جلسة الشّورى بعد زهاء السّاعة من انطلاقها بسبب ما تعرّضتْ له مجموعة مبادرة ال100 من خطاب أقلّ ما يقال فيه انّه منحطّ ومتدنّي ويقضي على أدنى فرص التّواصل والتّعايش المتبقيّة مع بعض النّاس … غادرتُ الجلسة قبل التّصويت وحسمتُ أمري بتقديم استقالتي

☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

شبه تأكّد لديّ رغبة الدّفع بعبثيّة بمجموعة من قيّادات الحركة المخالفة للرّئيس في بعض آرائه ومواقفه وأدائه والمزعجة جدّا لبطانته إلى الاستقالة، وتبخّر لديّ أمل إصلاح الحركة وتطوير أدائها لخدمة البلاد ورفع التّحدّيات السّياسية والاجتماعية والاقتصادية وتحوّل سرابا يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا 
لم أعد أجدني في حركة النّهضة وسيّاساتها وخطابها وبعض قيّاداتها وأصبحت أرى الخطر يتجاوز الحركة إلى الوطن ولئن وسِعني الصّبر على ما نال الحركةَ فإنّ ضميري يأبى عليّ أن أصبر على ما يسيئ للوطن أو يجرفه نحو انتكاسات وخيمة بعد مكاسب حقّقتها الثّورة بدماء الشّهداء وتضحيات جسام 
يأبى عليّ ضميري ومبادئي وأخلاقي أن أكون شاهد زور … وأرفض أن أخوض معركة قذرة مع أشخاص أترك الحكم عليهم للأحداث والتّاريخ … أرفض مثل هذه المعارك القذرة الّتي ليس فيها رابح وتأتي على الرّصيد النّضالي والأخلاقي والقيمي للفرد والمجموعة 
تقديري أنّ النّهضة قد نحرت أكبادها وأكلت أولادها … لقد تعمّقت لديّ القطيعة مع بعض الأشخاص النّافذين فيها من تنظيميّة إلى نفسيّة فأخلاقية حيث شبه تعذّر التّعايش وأصبحتُ لا أراني في نفس السّرب مع من بذّروا رصيدنا النّضالي وضربوا مصداقيّة الحركة ومقبوليّتها لدى الشّعب و………… أترفّع عن مزيد التّوصيف
لم يعد في النّهضة مكان لصدقي وأرجو ألّا تضيق بمن بقي فيها من الصّادقين
بعد محاولات عدّة للإصلاح من الدّاخل بالنّصح والاعتراض والاحتجاج وكلّ ما تسمح به الوسائل الحزبية وتسعه أخلاقنا وقيّمنا … وبعد إعذار أمام الله والوطن والضّمير … وبعد تفكير طويل، وبمرارة بالغة، أعلن استقالتي من حركة النّهضة متحمّلا مسؤوليّتي كاملة تجاه وطني الّذي سيبقى دائما بوصلتي، أخدمه، وأناصر من يخدمه، بما أستطيع
أعلن استقالتي ويرحل العربي القاسمي النّهضاوي مع سنة الكورونا … وليحتفل المحتفلون في مونبليزير كما احتفلوا من قبل بمناسبة استقالات سابقة، مزعج آخر يغادركم
رفاق الدّرب الأطهار … أسامحكم في ما لديّ عليكم من حقوق، إن وُجدت، وأبقى دائما مستعدّا لسداد حقوقكم عليّ، إن وُجدت ورغبتم، حتّى أفارق بسماحة وبالّتي هي أحسن كما حاولت أن تكون مسيرتي في الحركة بسماحة وبالّتي هي أحسن دون أن أنزّه نفسي عن بعض الأخطاء البشريّة تحصل بين الحين والحين 
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات 
قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُون 
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ : 54  الأنعام

العربي القاسمي