اليوم عيد الآباء و بعد…؟

عندما جاءني ابني اليوم بباقة ورد يهنّئني بعيد الآباء قال لي متعجّبا: تصوّرْ، لم يكن بائع الورد على علم بأنّ اليوم هو يوم عيد الآباء و لم يكن مستعدّا له. قد تتعجّبون أنتم بدوركم من مثل هذا الخبر و قد تذهبون في تأويله مذاهب بعيدة. أمّا أنا فأفضّل أن أفسّره على ظاهره، و أن أوجّه إلى نفسي و بني جنسي تهمة التّقصير في القيام بواجب الأبوّة، وهو واجب صعّبته علينا الأمّهات بنهوضهنّ بكلّ الأعباء العائليّة لأسباب لا يتّسع لها المقام، فطاب لنا الانسحاب و الاستغلال إلاّ فيمن قلّ منّا و كاد لا يبقى لنا إلاّ واجب الإخصاب وحتّى هو فقد بات اليوم مأموريّة ذكوريّة مطعونا فيها

و إن كان لي اليوم من خاطر يستوقفني و يستفزّني بهذه المناسبة فهو خوفي على ورود تونس من أطفال المحاضن و رياض الأطفال و صغار المدارس. تلك العجينة التّي قد نستهين بطراوتها و لطافتها و قد يرمي بها الآباء ( و الأمّهات) بين أيد لا تتّقي الله فيها و في أحضان قوم همج يفعلون فيهم باسم العلم و الرعاية و المحبّة ما لا يفعله العدوّ بعدوّه. إنّي لا أرى اليوم البذرة التّونسيّة الصّاعدة مغروسة في تربة تربويّة صالحة، إنّها تمدّ عروقها النّاشئة في حياض خاوية ناهبة و ينمو عودها نموّا هزيلا متعثّرا و تتفتّق أوراقها و أزهارها عن وعود شاحبة ضائعة. فلذات أكبادنا اليوم منكوبة في أجسادها و عقولها و وجدانها بين أيد مردة جبابرة لا تردعها رادعة و لن تقوم لها قائمة. التربية و التّعليم في بلادنا يستغيثان، فهل من مغيث؟؟ فتبصّروا يا معشر الآباء في أيّ الحياض تحفظون نوّرات عيونكم في هذه الأيّام العصيبة العجاف و لات ساعة ندم

 

الدكتورالهادي جطلاوي