« المجتمع المدني يُريد »

إلى السيد رئيس الجمهورية، إلى المجتمع المدني

نظرا لاستمرار المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهدد البلاد واستفحالها في الفترة الأخيرة، يُؤكّد المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة

1- أن ما حدث منذ 25 جويلية إلى اليوم لا ينسينا بل يجب ألّا ينسي الشعب أن المسؤولية الأساسية عما وصلت إليه البلاد من انغلاق سياسي ومن انهيار اقتصادي واحتقان اجتماعي تقع على عاتق حزب حركة النهضة، الفاعل الأول في الحياة السياسية التونسية منذ2011، وكذلك على الأحزاب التي شاركته السلطة. كما أن العشرية الماضية قد شهدت من الانهيارات في كل المجالات ومن العمليات الإرهابية ومن الجرائم في حق تونس والتونسيين ما جعل الوضع يبلغ منتهى الخطورة. ويؤكد المرصد أن التطورات التي عرفتها بلادنا منذ 25 جويلية إلى اليوم، وأيا كان توصيفنا لها، لا يمكن أن تعفي أولئك من المسؤولية الكاملة عن نتائج هذه الانهيارات. ويدعو إلى المحاسبة الجزائية وإلى القطع النهائي مع كل منظومة الإسلام السياسي في أي مشروع مستقبلي

2- يؤكد المرصد كذلك أنّ مساندة رئيس الجمهورية في 25 جويلية لم تكن ولن تكون صكا على بياض، ولذلك طالب ومازال يًطالب بوضع سقف زمني ثابت للإجراءات الاستثنائية، كما يُطالب بضبط البرنامج الإصلاحي بكل مضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل تشاركي مع قوى المجتمع المدني ومع المنظمات الوطنية المهنية حتى يتم تقرير طبيعة التعديلات الدستورية الضرورية ومضمون إصلاح النظام الانتخابي وآلياته لتجاوز أخطاء العشرية المنقضية. فخطورة ما تمر به تونس من أوضاع يجعل أي تأخر في الإصلاح وفي تقرير مقتضياته والشروع في تنفيذه خطرا يهدد بمزيد تعكر الأوضاع وبعودة منظومة الفساد

3- يُؤكّد المرصد كذلك، في ظل ضعف الدولة وعجز كثير من مؤسساتها، أنه لا مجال للمغامرة بتجارب سياسية جديدة ذات العواقب الغامضة، وأنه لا يمكن استحداث نظام جديد لم تتضح معالمه ولا آليات تنفيذه وآجالها، فضلا عن عدم ثبوت جدواه، وأن الإصرار على مشروع من هذا النوع يهدّد بانهيار الدولة تماما وبعودة الحكم الاستبداد

4- يُثمّن المرصد الصبغة الحداثية التي اتّسمت بها الحكومة الجديدة بتوخّيها مبدأ الاعتماد على عدد محترم من الكفاءات النسائيّة، مُتمنّيا أن يكون برنامجها في مستوى تطلّعات الشعب في إرساء نظام ديمقراطي دائم وفعال يدعم المكاسب والحريات ويُكرّس مبدأ المساواة وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومدنية الدول

.
بناء على ما سبق فإن المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة يدعو كافة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية والشخصيات والكفاءات الوطنية المعنية بإنقاذ تونس والتي تقاسمه هذه الرؤى إلى العمل معا على إرساء الدعائم القانونية والتنظيمية الضامنة للديموقراطية وللدولة المدنية وللعدالة الاجتماعية، وإلى الاشتراك بشكل فاعل في بناء مستقبل البلاد عن طريق التشبيك بين كل المشاريع التي تشترك في التصورات العامة لبرنامج إصلاحي مستقبلي حتى تكون قوّة اقتراح ومراقبة قادرة على التصدي لكل الانحرافات وعلى توجيه المسار في اتجاه إرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات، الدولة المدنية الديمقراطية الضامنة لقيم الجمهورية والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان

عن المرصد الوطني للدفاع هن مدنية الدولة
منير الشرفي