الله يسامِحْكُمْ !! خَرّبْتُوها

إلى من وعدوا الناس بالجنة….إلى من هتكوا عرض التاريخ….ولوثوا شرف البشر والحجر والعباد والبلاد…كفاكم تدميرا…واعترفوا بهزيمتكم….اليوم أقول أن « الوجيعة » بلغت أشدّها….اليوم أقول أننا أخطأنا حين تركناكم تخربون الوطن دون رادع….فــ »وجيعة » الأمس حين صعدنا على الربوة نشاهدكم وانتم تخربون ما بنته الرجال أشدّ إيلاما اليوم من « وجيعة » اليوم حين اكتشفنا حجم الخراب الذي تسببتم فيه لهذه الأرض ولا استثني أحدا …جميعكم خربتم….فهل خربتم الوطن من أجل إيلامنا جميعا…أم خربتم الوطن بحجة إعادة بنائه…فالمواطن اليوم يشعر بالــ »وجيعة » عند قيامه صباحا…..يشعر بالـــ »وجيعة » وهو يستعد للذهاب إلى عمله خوفا من بطش سيّده في العمل …وبطش النقابات التي تتحكّم في مصير سيّده في العمل….فمن يذهب إلى عمله يشعر بالــ »وجيعة »…ومن لا عمل له يشعر بــ »وجيعة  » أشدّ…فيموت ألف مرّة في اليوم وهو يطلب ثمن سيجارة من أمه خلسة عن والده الذي يشعر بــ »وجيعة » قاتلة لمجرّد مشاهدة ابنه يعيش : الوجيعة

في تونس اليوم نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نيام…وبعد النوم…وكل يوم… نشعر بالــ »وجيعة »…ونحن نذهب للتسوق…نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نركب وسائل النقل… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نتجول بين أنهجنا وشوارعنا…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن ندخل مقاهينا… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد الشيب يستوطن رؤوس أبنائنا وهم لم يبلغوا عقدهم الثالث… نشعر بالــ »وجيعة » في آخر كل شهر ونحن نقبض مرتباتنا التي تنتحر على عتبات جيوبنا…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن ندخل مستشفياتنا… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن ندخل إداراتنا…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن ندخل مدارسنا…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن ندخل ملاعبنا…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نزور مناطقنا السياحية…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد أطفالنا يتمنون الشيء وينامون دون الحصول عليه…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد التلفاز لنموت قهرا من أشباه إعلاميينا …. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نستمع إلى ساستنا وهم يتغوطون خطبا لا تشبه لشيء…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشتمّ رائحة الوسخ والعفن المتصاعدة من زوايا شوارعنا… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد الأغبياء والحمقى يخطبون علينا ويحللون لنا المشهد ويخدعوننا ويخدعون الوطن…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نعيش : الوجيعة

نشعر بالــ »وجيعة » ونحن ندفن بعض شبابنا الذي انتحر من طول انتظاره لما وعدتم… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نفارق بعضنا بحثا عن وطن أجمل ووطن أسعد وساسة ينجزون ما وعدوا… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نودّع أصدقاء ماتوا وجعا من قهر من اتهموهم ونعتوهم بالفساد وهم لم يفسدوا… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نستمع إلى أحقر الناس وهم يشتمون تاريخا ولدوا فيه وعاشوا فيه ونجحوا فيه ونكروا جميله اليوم…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نستمع لرئيس فقد عقله ينشر الفتنة طولا وعرضا ولا يهتم لما وعد

نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد رئيس حكومة تعلم عن الكبار ودرس مع الكبار يفشل في كل ما يفعل ويسقط في قبضة منظمة أفسدت في الأرض وأحرقت الحرث وفرّطت في المحصول… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد مواقع انتاجنا مغلقة وانتاجنا ينتحر على عتبات منظمة حادت عن دورها وخربت البناء… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد مجلس نوابنا مرتعا للأحقاد وتصفية الحسابات وبيع الذمم… نشعر بالــ »وجيعة » وبعض شعبنا يجوع….وبعضه الآخر يعيش العطش…والبعض الآخر يموت ولا أحد يودعه… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نستمع في ما يقال عن بعضنا وبعضنا ليس كما يُقال فيه وعنه

نشعر بالــ »وجيعة » وكفاءات البلاد غادرت البلاد لتصنع ربيع غيرنا… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نستمع إلى أكاذيب حكومتنا وساستنا…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نبحث عن دواء في صيدلياتنا ولا نجده…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد أرقام بطالتنا ترتفع وأرقام عجزنا ترتفع…وأرقام فقرنا تقارب نصف سكان البلاد…. نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نستمع لامرأة تحاول اقناع تاجر السمك ببيعها سمكة واحدة لابنها المريض ولا يلبي طلبها

نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد كبارنا يموتون انتظارا لتلقيح طال انتظاره… نشعر بالــ »وجيعة » ونحن نشاهد « العزري » يصبح « أقوى من سيده »…. نشعر بالــ »وجيعة » « وجيعـــــــــــــــــــــــــة كبيرة »….أقول لــ »ثورجية » الحمق والغباء من ساسة وحكام وأحزاب… اجتزتم ذات يوم حاجز الخوف فلا تلومونا إن اجتزنا غدا حاجز اليأس….وحاجز الصمت….وحاجز الوجع…وحاجز القهر… ونحن نشعر بالــ »وجيعة »…وستشعرون قريبا مثلنا بالـــ »وجيعة »…كما شعرنا…وربّما أكثر… : الله يسامحكم !! خربتوها

سلامة حجازي