الإخواني المستقيل لطفي زيتون يكتب : نهاية تراجيدية لعشرية الفشل

لقد أثبتت أحداث الاسبوع الماضي التي انتهت باعتقال المئات من الاطفال والشباب من انصار النادي الافريقي وتطورت لنشهد نفس الفئة العمرية من الشباب الذي عجزت كل الاحزاب عن مخاطبتها او حتى الاقتراب من همومها ينزلون الى الشارع في احداث ليلية سريعا ما تحولت الى اعمال نهب وتخريب 

اثبتت هذه الاحداث ان الطبقة السياسية قد اصيبت بعمى ألوان مزمن يمنعها من البحث عن حلول لأزماتها غير الحل الأمني والهروب الى الأمام وقمع الخصوم بقطع النظر عن طبيعتهم جمعيات رياضية أم نقابية أم حقوقية أم سياسية وقد بدأت أصوات الغضب ترتفع من داخل المؤسسة الامنية التي يحمل بعض عناصرها المنظومة الحزبية مسؤولية توتير الاجواء والعجز عن الوفاء بوعودها الانتخابية ومعالجة الازمات ووضع الامنيين وجها لوجه مع الشباب الغاضب 

بعد عشرية من الفشل ها هي هذه الحكومة تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع شعب من الشباب الغاضب سدت في وجهه السبل حتى المتعلق منها بقوارب الموت. لا وسيط من أحزاب سياسية ولا جمعيات ثقافية ولا مجتمع مدني وها هي فرق الرياضة التي وفرت متنفسا للغليان الشعبي تستهدف بدورها

من المسؤول عن تردي الاوضاع الذين جاؤوا بعد الثورة يقولون ان بن علي هو المسؤول طيب ها قد اطاحت به الثورة وسلمت لكم البلاد لمدة عشر سنوات ماذا فعلتم ؟؟

والحقيقة ان الجواب عن هذه الأسئلة معقد وشديد العلاقة بوضعية السياسيين في بلادنا التي توقفت عن انتاج رجال السياسة منذ سنة 1971 تاريخ اول انشقاق في الحزب الاشتراكي الدستوري عندما ضاق السياسيون ذرعا بتقلص مساحات الحرية داخل الحزب فاختاروا الانسحاب  لتأسيس الحركة الديموقراطية التي لم تجد طريقها الى الدولة وبقيت هي والحركة الاسلامية تتراوح علاقتهما معها بين التوجس والعداوة والحرب .. الى حدود ثورة 17-14 التي أعادت الاعتبار فيما أعادت للسياسة والسياسيين ..

ولكن سرعان ما ضيع السياسيون الفرصة بحروبهم الصغيرة التي حولتهم الى مؤثثين رئيسيين لبرامج الإثارة الاعلامية وجاذبا للأوديمات وتحولت الاحزاب والشخصيات السياسية الى ما يشبه البورصة المؤثثة لاستطلاعات الرأي الوهمية

عوض ان يستلم السياسيون عصا السبق التي سلمتها اياهم الثورة لينطلقوا بالبلاد الى المستقبل غرقوا في قضايا الماضي واحيوا كل الشياطين القديمة من معارك الحركة الوطنية الى معارك تاسيس دولة الاستقلال الى صراعات الهوية .. كل ما اتقنوه خلال صراعهم الطويل مع الاستبداد.. يستعيدونه في انفصام شديد عن مشاغل بلد ثلثا سكانه من الشباب لا تعنيهم مشاكل الماضي بل تحديات المستقبل يبحثون في هذا العالم عن مكان بين الامم الحية التي تمكن ابناءها من ادوات توفير متطلبات العيش الكريم لانفسهم 

عاد السياسيون سجناء مكروكزماتهم الحزبية الصغيرة لا يخطون خطوة الا بحسابات دقيقة للتكاليف والمكاسب التنظيمية من ورائها وتاثيرها على حروب التموقع الشرسة داخل احزابهم ما جعل من تغليب المصالح العليا للوطن وللبلاد وللشعب على حساب مصلحة الحزب عندما تتباين معها مغامرة غير محسوبة العواقب ومحنة حقيقية للسياسي الوطني.. اذا تواصل هذا السلوك ليس فقط الطبقة السياسية هي التي ستتضرر بل كل التجربة 
آن للوطنيين والجمهوريين أن ينهضوا لإنقاذها

لطفي زيتون قيادي مستقيل من حركة النهضة الإخوانية