أهلا بكبش العيد و نطحه الشديد

يهلّ علينا قريبا عيد الإضحى و يلوّح سماسرة الخرفان بطلب المليون ثمنا له. و يحسن في هذه الأوضاع التّي لا يعثر فيها فقراؤنا على لقمة عيشهم اليوميّة أن نذّكر بأنّ المفسّرين كانوا منذ الأزل مختلفين فيمن يكون المقصود بالذّبيح في قوله تعالى:  » و فديناه بذِبحٍ عظيم » (الصافات 107) بين أن يكون اسماعيل جدّنا أو اسحاق جدّ اليهود أبناء عمومتنا. و كثير من هؤلاء من أمثال الطبري من يقدّم الحجّة النصّية على أنّ اسحاق هو الذّبيح الذي بشّر به الله ابراهيم و كان أولى باليهود أن يحتفلوا بذبيحهم لولا أنّا كنّا سبّاقين إلى هذا الشرف. و مع ذلك فإنّ القرآن الكريم قد نصّ في مناسك الحجّ القارن على « ما استيسر من الهَدْي » و جوّز في حالة العجز البدني أو المالي عن توفير الهدي بديلا، قال:  » فَمَن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة »…: البقرة 196
ثمّ إنّ خادم الحرمين قد كان في سالف العهد يلتزم بنصّ القرآن في ذبح الحاجّ لذبيحته في محلّه و على مرأى و مسمع منه و إن لم يكن يأكل من لحمها (و لا تحلقوا رؤوسكم حتّى يبلغ الهدي محلّه ..). ثمّ أصبح الحاجّ في السنوات الأخيرة يدفع ثمن ذبيحة لا يراها بل يأتيه من لحمها قطعة بعد التحلّل من الإحرام بدعوى المحافظة على البيئة و يتصرّف خادم الحرمين في ثمن الأضاحي لملايين الحجّاج كلّ عام ينفقها في : خدمة الحرمين
فهل بعد هذا من مُلزم يُلزم المسلم المعوز على شراء كبش العيد و هل بقيت من حاجة إلى اتّباع الوسائل الشرعيّة و غير الشرعيّة لتوفير ثمن الكبش الملتهب في الأسواق؟ أمّا أغنية الصبية المحتفلة في العقود الماضية بكبش العيد : أهلا بكبش العيد و نطحه الشديد\ غدا يكون لقمة للشيّ و القديد  فوجب أن يكون المنطوح فيها هو المواطن يُنطح في عقله و جيبه و أن يكون المواطن هو الأضحية الذبيحة وهو اللقمة التّي سيُشوى شحمها و يقدّد لحمها ابتهاجا بالعيد. فأهلا بكيش العيد و نطحه الشديد

الدكتور الهادي جطلاوي