مغلق للصلاة

تونس بلاد مسلمة محافظة على الصلوات و الصلاة الوسطى و يسعى أصحاب المهن الحرّة إلى أدائها حاضرة في وقتها. و من العادات المعروفة في الأسواق منذ العهود الغابرة hedi jatlaouiأن يغادر التاجر حانوته لأداء صلاة الظهر أو العصر دون أن يغلقه فإمّا أن يوصي به جاره أو أن يضع عصا على عارضتَي الباب المفتوح تمنع دخوله و تدلّ دلالة اصطلاحيّة على أنّ صاحب الدكان متغيّب تغيّبا وقتيّا لأداء الصلاة دون أن تنغلق السوق كلّها من أجل الصلاة. و مع تطوّر العصر و خروج المتاجر إلى الأسواق الحديثة اقتبس العرب من الغرب أسلوبا حضاريا للتعبير عن الغلق الوقتي لسبب من الأسباب وهو التعليق من وراء البلور لمعلّقة كُتب عليها « مغلق ». و مررتُ بالأمس عند الإفطار على « حوّات » في حيّنا علّق على بابه « مغلق للصلاة« . و لأوّل مرّة في حياتي قرأت تصريحا بسبب الغلق، اللّهم إلاّ لإفلاس أو جرد سنويّ. علما بأنّه لم يكن، و قد حلّ الإفطار و جنّ الليل، غلقا مؤقّتا. و تساءلت عن مقاصد الحوّات، و تذكّرت نصّا للطاهر الخميري كنت شرحته مع تلامذتي في السبعينات من القرن الماضي عنوانه « الثوم على الجبين » فرأيت أنّ المقصد واحد و إن تغيّر الأسلوب. و تساءلت إن كان التاجر ملزما، إذا تغيّب بذكر أسباب تغيّبه لا سيّما و أنّ في حانوت الحوّات أكثر من عامل؟ و تساءلت إن كان من اللاّزم أن تغلق حوانيت التجارة و أن تتوقّف الوظيفة العموميّة في المدارس و الإدارات لأداء الصلاة حاضرة و استحضرت قوله تعالى لا يعطّل التجارة إلاّ لصلاة الجمعة في قوله : يا أيّها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع ذلكم خير لكم ذلكم خير لكم ن كنتم تعلمون
و الحمد لله الذي هدى هذا البلد الطيّب إلى تعميم الإلزام بكلّ الصلوات في أوقاتها و قطع الأعمال من أجلها و تفهّم أصحاب المصالح لنبل نوايا التجّار و الموظّفين و في هذا السعي المشكور و البلد المعمور فليتنافس المتنافسون

الهادي جطلاوي