البيان الفضيحة

طلع علينا بعض أساتذة الجامعة الزيتونية بما سموه بيانا شرعيا حول التعاطي مع من يموت بوباء الكورونا، ولي على هذا البيان ملحوظتان 

1) حول هويّة أصحاب البيان

صدر هذا البيان ( اضغط هنا لقراءته ) عن مجموعة من المدرسين في الجامعة الزيتونية ممن دأبوا على إصدار مثل هذه البيانات منذ سنة 2011 والتدخل في كل ما لا علاقة لهم به من مثل الانتخابات وتصرف الإدارة في موظفيها والنشر وعرض الأفلام والمعارض الفنية والمحاضرات وغير ذلك، وهم فيما يصنعون يتصوّرون أن وضعهم الوظيفي كأساتذة تربية إسلامية يعطيهم حصانة وتأثيرا لدى عموم الناس فرجال الدين في العالم السني لا يكتسبون حضورا ومصداقية لدى عموم الناس إلا عند التصاقهم بهموم الناس من خلال العمل الجمعياتي والحضور الميداني السياسي والثقافي ويحضرني في هذا المقام مثالين

1) الأول منهما الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور (1909/1970) الذي لم يكن الأكثر حضورا في الميدان الديني فقد كان هنالك الأعلم منه والأغزر معرفة كوالده الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور والشيخ محمد العزيز جعيط ولكنه رغم ذلك كان الأكثر وجاهة منهما لدى عموم الناس لسبب بسيط وهو حضوره في الميدان السياسي والنقابي والجمعياتي فقد كان عضو الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري وكان الرئيس الشرفي لاتحاد الشغل فضلا عن حضوره في مختلف الجمعيات الرياضية والمسرحية وغيرهما فحضور الشيخ في الضمير الجمعي إنما كان لالتصاقه بهموم مواطنيه أما العصابة لدينا فلم نجدهم إلا على هامش حزب التعويضات يظهرون كلما دعاهم بطرف خفي إلى ذلك ففي كل مرة يعمل فيها هذا الأخير على الاختفاء حتى لا تشوّه الصورة التي يعمل منذ مدة على تسويقها باعتباره حزبا مدنيا تونسيا معتدلا إلا وحرك هذه المجموعة وتذكروا أيام حرية الضمير ومعركة تحييد المساجد وإمامة جامع سيدي اللخمي والتسفير إلى سوريا والتسوية في الميراث والعبدلية وغيرها من الأحداث، وفي هذه المرة ظهر هؤلاء لمداواة فضيحتهم التي اعترضوا فيها على الحجر الصحي وحثوا الناس على التجمهر في المساجد

2) والثاني هو الشيخ محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي (1956/1874) مغربي ومن أشهر علماء الدين على مستوى العالم الإسلامي وأغزرهم إنتاجا ترك عددا من المؤلفات يفوق الخمسين من بين أشهرها « الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي » هذه الشهرة لم تحمه من غضب الشعب المغربي لأنه وقف موقف خيانة لملكه الوطني محمد الخامس لمّا أبعده الاستعمار الفرنسي سنة 1953، جاء في معلمة المغرب الجزء 10 ص3338 ما يلي: « اتخذ محمد الحجوي موقفا مخالفا لإجماع الأمة أثناء الأزمة السياسية سنة 1953 وهو يومئذ نائب الصدر في العدلية لذلك ساءت حالته النفسية والجسمية بعد حصول المغرب على الاستقلال ومات بأحد مستشفيات الرباط عشية يوم الأحد 6 أكتوبر 1956 وحمل من الغد إلى فاس ودفن بقصبة ابن دياب ولم يحضر جنازته أحد يقول عبد السلام بن سودة بعدما امتنع الحزابون من القراءة عليه وبعد دفنه امتنع سكان القصبة من الصلاة في ذلك المكان فأخرج من قبره ونقل إلى مكان مجهول » ولأن الخيانة لا تغتفر عاقب الشعب المغربي محمد الحجوي حتى يكون عبرة لغيره، والذي يهمنا من كل ما ذكر أن التوسل بالدين لاكتساب شرعية أو حصانة أو تأثير وهم أولغ فيه جماعة الزيتونة الذين اعتقدوا أن مجرد لبس جبيبة أو كشيطة يؤهلهم لإبداء الرأي في كل شيء وكأنهم قيمون على مصير هذا الشعب وهو ما صرح به قريسة جاء مقال له في جريدة الصباح بتاريخ 3 أوت 2018: « إن هذه الأوصاف أساتذة ومشائخ وعلماء….. القصد منها شيء واحد…. تقوية مرجعيتنا الدينية وخلق نوع من الاطمئنان إلى كلامنا عند الناس…. » ، لن يذكر لكم شعبكم إلا وقوفكم في ذيل حزب التعويضات والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وجمعية القرضاوي وجمعيات قطر وتركيا في مناقضة تامة لمصالح تونس.
المهم من كل ما ذكر أن البلاد السنية ومن بينها تونس لا يكتسب رجل الدين أو دارسه فيها أي حصانة تمنع عن نقده وسلخ جلده بالإبر إن اقتضى الحال كما هو الآن، وعلى هذه العصابة الزيتونية أن تنزع عنها هذا الوهم الذي لم يظهر إلا بعد سنة 2011 وسقوط المنظومة الحاكمة السابقة التي كان جميعهم يسبحون بحمدها كما يفعلون اليوم مع حزب التعويضات

2) حول مضمون البيان

عوّدنا التاريخ أن المتاجرين بالدين يعملون على مجاراة ومسايرة التطور البشري بصورة بعدية فتجدهم يعترضون على كل جديد ولكنهم فيما بعد ينكصون على أعقابهم بالموافقة على ما اعترضوا عليه سابقا فرئيس ما يسمى جامعة الزيتونة أوّل الممضين على البيان الفضيحة سبق له أن اعترض على إغلاق المساجد منعا لانتشار الوباء نجده اليوم يتصدر القائمة وحاله كحال غيره من الممضين، والناظر في نص البيان يلحظ أنه لم يستند فيما ذهب إليه مسوّدوه إلى أي نص شرعي أو قاعدة فقهية بل اكتفى أصحابه بترديد ما استقر في الأنفس من نصائح الأطباء مع شيء من التقعّر الذي يريدون به إغراب السامع وإبهاره من ذلك قولهم بأنه إن تعذر تغسيل الميت يُمِّم وهذه الحالة لا تجوز فقها إلا في الحالات التي يموت فيها الرجل بين نسوة ليس من بينهن محرم وكذا مع المرأة تموت بين رجال وليس من بينهم محرم عندها يُيَمًّمُ الميّت ويذهب البعض الآخر إلى أنه في غياب المحرم لا يغسل الميت ولا يُيَمَّم بل يدفن بدون غسل، هذا الحكم يعمل به في الحالات العادية بشرطه ولا يمكن تعميمه بدون ضابط لمجرد التشابه الوهمي وفي المحصلة فإن الحكم الذي جاء في البيان الفضيحة لا ينطبق على ما نحن فيه من انتشار للوباء لذا فإن الأمر في هذه الحالة متروك للأطباء الذين يحدّدون الطريقة السليمة للتخلص من الجثث لأن المقصود من التعامل معها ليس دفنها أو تغسيلها أو الصلاة عليها بل حماية حياة الآخرين ولأن الحي أبقى من الميت جاز للطبيب أن يحدّد الكيفية حتى بإحراق الجثث منعا لانتشار الوباء
والذي نخلص إليه أن هذا البيان يؤكد مرة أخرى أن ما سُمّي جامعة الزيتونة ليست إلا إدارة ملحقة بحزب التعويضات لا شغل لها سوى

1) تمكين قياداته من الألقاب العلمية دون وجه حق كما حصل مع عتيق والحمامي وغيرهما

2) الإيهام بأنهم يمثلون سلطة دينية علمية تجب استشارتها والحال أن هذه العصابة فضلا عن الجهالة المنتشرة فيها تتصف بانتهازية مفضوحة فجلّ من فيها كانوا أعضاء في شعب التجمع ولم نسمع لهم حسا أو خبرا في تلك الأيام كما أن جبيباتهم لم تكن تظهر إلا في التلفزة أما الآن فقد تغيّر حالهم بعد أن فتحت لهم خزائن القرضاوي وقطر…. وطالت ألسنتهم في غير الحق

لكل هذا أدعو الجميع إلى فضحهم حماية للوطن من هذه النوعية من البشر التي لا همّ لها سوى جمع المال تحت أي مسمى ولو كان المتاجرة بالدين وبمصالح المواطنين

 

أنس الشابي

الصورة العليا : الإخواني هشام قريسة لاعق مائدة زين العابدين بن على و أول الممضين على البيان الفضيحة

الجهلة الذين يسمون أنفسهم حملة العلم الشرعي من نوع الخادمي وقريسة وغيرهما الذين نشروا بيانا حول التعامل مع متوفى وباء الكورونا خبطوا خبط عشواء وحشروا أنفسهم فيما لا علاقة لهم به فأجازوا التغسيل بل ذهبوا حتى إلى القول بأن الميت يُيَمَّمُ والحال أنه يمنع منعا باتا تغسيل أو دفن أو الاقتراب من المتوفي بالكورونا من قبل أي كان والجهات المخولة لذلك هي الجهات الطبية لوحدها تأملوا النص الوارد في تقرير الهيئة الوطنية للتقييم والاعتماد الصحي الذي حرره الخيرة من أطبائنا وباحثينا في الجراثيم والعلوم البيولوجية وغيرها صحبة هذا تجدون رابط التقرير كالتالي