قيس سعيد لم يفهم أنّ كُلْ فُولْ لاهِي فِي نَوِّارُو

يوميات الحجر الصحي الشامل – اليوم الخامس من الشوط الثالث- الجمعة 24 أفريل 2020

مهداة الى السيدة يسرى فراوس والى أعضاء جمعية النساء الديمقراطيات في دفاعهن عن النساء ضحايا العنف في زمن الكورونا

تضاعف العنف ضد النساء أربع مرات في زمن الحجر الصحي الشامل

تعرضنا في يومية سابقة الى ظاهرة العنف الجسدي والجنسي عبر حديثنا عن جريمة الاغتصاب الشنيعة التي تعرضت اليها سماح لما كانت عائدة الى منزلها قبيل بداية حظر الجولان . كما تعرضنا الى الدور الذي يقوم به الاتحاد الوطني للمرأة في المساندة المعنوية والمادية للنساء المعنفات وأعلمنا عن تخصيصه أحد مقراته لإيواء المهاجرين الأفارقة نساء ورجالا
اخترنا أن نتحدث في يومية اليوم عن الصيحة الجديدة التي أطلقتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات من خلال الحوار الذي أجرته رئيستها السيدة يسرى فراوس في برنامج ميدي شو الذي يشرف عليه الصحفي الياس الغربي. الأرقام مفزعة حتى أنك تخال أن جزءا من المجتمع جعل من النساء كبش فداء لتحويل فشله أمام عجزه للتصدي للوباء الخطير . فحسب ما جاء على لسان السيدة فراوس فعلى سبيل المثال سجل قسم الانصات التابع للمنظمة في الأسبوع الماضي فقط 53 امراة تقدمن لعرض قضايا عنف تعرضن لها داخل الفضاء المنزلي بعد أن كان معدل الشكايات لا يتجاوز 15 في الأسبوع. وفي الاطار ذكرت المتحدثة بمختلف المبادرات التي تقدمت بها المنظمة ومنها البيان الذي تم اصداره منذ يوم 16 مارس الماضي قبل دخول اجراء الحجر حيز التنفيذ حيث توقعت أن تكون المراة والأطفال ضحية هذا الواقع الجديد. وذكر السيدة فراوس أن مناسبات الأعياد والعطل التي كانت تجتمع فيها العائلة في المنزل كانت دائما تمثل فترات ذروة في تعاظم العنف ضد المرأة. ورغم القانون الجديد المتعلق بتجريم العنف ضد المرأة وهو المكسب الذي تم اقراره منذ سنتين بعد 30 سنة من المطالبة فان ظروف الحجر الصحي أكدت من جديد اننا أمام مجتمع ذكوري في عقليته وتصرفاته يعتبر أن العنف ضد النساء هو وسيلة تربوية. وفي هذا الاطار تقدمت الجمعية بمبادرات جديدة للحكومة وهي لا تزال تنتظر لقاء مع رئيس الحكومة. وعلى خلفية ما شهده مجلس النواب من تلاسن بين أعضائه وتجدد الضغط على النساء من النواب با ستعمال الألفاظ التي تتعلق بالجسد أو الجنس تقدمت الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات، اليوم الجمعة، الى مجلس نواب الشعب للمطالبة برفع الحصانة على كل نائب يعنف زميلاته، مطالبة النيابة العمومية بتحمل المسؤولية في تتبع المعتدين.وأوضحت الجمعية في بيان لها، ان هذا المطلب يأتي على خلفية تعرض النائبة عن كتلة الدستوري الحر، عبير موسي، الى عنف سياسي وأخلاقي تحت قبة البرلمان لينضاف إلى سلسلة الانتهاكات المتواصلة للقانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يمنع مثل هذه الممارسات ويعرض مرتكبيها الى عقوبات جزائية، مؤكدة رفضها لمثل هذه الانتهاكات وتضامنها مع ضحاياه بقطع النظر عن انتماءاتهن ومواقفهن
واعتبرت ان العنف السياسي الذي تكرر أكثر من مرة تحت قبة البرلمان بما يحمله من طابع تمييزي، كثيرا ما يتم فيه استعمال الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية والتركيز على الجسد بما في ذلك اللون، قد يعكس عدم تخلص المشرعين من الثقافة الأبوية، وعدم وعيهم بالفلسفة والأهداف التي بُني عليها دستور 2014، والقانون الشامل للقضاء على العنف لسنة 2017 ، ما ساهم في تراجع تمثيلية النساء في البرلمان ومراكز القرار
كما اعتبرت ان تشبيه النائبة بمن يشتغلن في « مبغى قانوني » بتونس العاصمة من قبل أحد زملائها، يعد عنفا صارخا اذ تسلط بالدرجة الاولى على شخص النائبة، وبالدرجة الثانية في حق إحدى أكثر الفئات الاجتماعية هشاشة وذلك من قبل ممثل الشعب الذي يفترض فيه أن يدافع عنهن ويشرع القوانين الحامية لحقوقهن المشروعة خاصة في هذا الظرف الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به البلاد
وعبرت الجمعية في هذا الصدد، عن املها في ان يعمل النواب على تركيز مجهوداتهم لإيجاد الحلول لضحايا الحجر الصحي، وأزمة تفشي وباء « كورونا » المستجد، وللنساء ضحايا العنف الاقتصادي والعنف الأسري الذي تضاعف عديد المرات، عوض الشتم والنيل من الكرامة الإنسانية معمقين أزمة الثقة في العمل السياسي، وفي المؤسسة التشريعية التي تحولت الى مرتع لتمجيد التفكير والإرهاب وتعنيف النساء

أي حظوظ لمساعي رئيس الجمهورية في عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي؟

تقدمت تونس مؤخرا بمبادرة لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بوصفها عضوا غير في المجلس لمدة سنتين انطلاقا من مطلع شهر جانفي الماضي وتهدف مبادرة رئيس الجمهورية الى تعزيز التنسيق الدولي في مواجهة وباء كوفيد 19 والتوصل لاعلان هدنة أو ايقاف الحروب الأهلية واقناع الأطراف الخارجية بالامتناع عن التدخل فيها حتى يتسنى نجدة المدنيين في انتشار الوباء في مناطق التوتر. وفي هذا الاطار قام الرئيس سعيد بعدة اتصالات مع عدد من الرؤساء وتركزت جهوده لاقناع الأعضاء الغير دائمي العضوية كما هو الشأن بالنسبة لتونس لعقد جلسة للمجلس بكامل أعضائه. ومن ناحيتها شرعت فرنسا وهي احدى الدول الخمسة الدائمة العضوية في القيام بمبادرة في اتجاه الدول الأربعة معتبرة أن ألأوضاع الدولية الراهنة لا تسمح بعقد اجتماع للمجلس بكامل أعضائه وأن النجاعة تقتضي التوصل الى اتفاق مشترك بين الدول الكبرى من أجل مواجهة الكورونا وهو ما سيكون له بالضرورة تبعات ايجابية في بقية الدول. ويبدو أنه نظرا للانقسام الحاصل في وجهات النظر فيما يتعلق بمقاربة الوباء خاصة بين الصين والولايات المتحدة حصل اقتناع بضرورة التنسيق بين المبادرتين التونسية والفرنسية وهو لذلك يطرح السؤال حول حظوظ مرور مشروع قرار يتم عرضه على مجلس الأمن في أجواء الصمت المدوي لمنظمة الأمم المتحدة أمام أحد أخطر الأزمات الصحية التي يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية وما يرافقها من تداعيات اقتصادية واجتماعيه. فالوضع الدولي يتميز حاليا بأجواء مشحونة تتميز بالخلاف الصيني الأمريكي حول ما بات يعرف بجذور الكورونا التي تصر أمريكا على اعتبارها صينية. ولا يكتفي الرئيس ترومب عند هذا الحد حيث امتدت هجوماته الكلامية و إعلان قطع الامداد المالي لتشمل منظمة الصحة العالمية التي تساهم أمريكا ب 17 في المائة من ميزانيتها حيث اعتبرت أمريكا هذه المنظمة مناصرة للأطروحة الصينية فيما يتعلق بالجذور الحيوانية للفيروس.
في هذه الظروف تبدو حظوظ المبادرة التونسية والفرنسية سواء تم التقدم بهما بشكل أحادي أو في شكل ثنائي مشترك ضعيفة الحظوظ للوصول للأهداف المعلنة. فحسب صحيفة لومند الفرنسية الصادرة اليوم الجمعة بتاريخ السبت 25 أفريل تبخرت آمال باريس التي كانت تأمل في عقد اللقاء اليوم الجمعة على الأقل في مستوى الدول الخمس الدائمة العضوية. فبعد أن كان الرئيس الفرنسي متخوفا من امكانية قبول الرئيس الروسي السماح لإقامة ممر آمن سوريا لنجدة سكان ادلب السورية من المدنين فان الصعوبة أتت مرة أخرى من جانب الولايات المتحدة. فبمجرد عرض نص مشروع اللائحة بصورة غير رسمية في مجلس الأمن يوم الخميس 23 أفريل لإعلان انطلاق المشاورات الأولية حول ايقاف النزاعات والتوترات فان الولايات المتحدة اعتبرت أن الأولوية بالنسبة اليها هي تحميل الصين مسؤولية ظهور وانتشار الكوفيد 19 وكذلك تحميل المسؤولية لمنظمة الصحة العالمية لأنها لم تقدم المعلومات الضرورية في اسرع وقت ولم تلعب دورها كاملا في التنسيق من أجل مواجهة الوباء
في البداية كانت فرنسا تأمل في أن يقتصر الاجتماع على الخمس الكبار لكنها انتهت الى التنازل تحت الحاح الدول الغير الدائمة العضوية ومنها تونس وهو ما أدى الى بروز المبادرة التونسية-الفرنسية باعتبارها تجسيدا للنداء الذي توجه به الأمين العام الى العالم يوم 23 مارس. وهكذا يتوضح ان الولايات المتحدة ليست مهتمة بفكرة الرجوع الى عالم متعدد الأقطاب ولا يرى الرئيس ترومب اي فائدة في اتباع سياسة ثبت تجاوزها الزمن وان ضمان مصالح امريكا يمر عبر العالم الأحادي . ومن جهتهما فان كلا من الصين وروسيا لا تبدوان متحمستان لفكرة ايقاف النزاع فقط بل تريدان اقناع الولايات المتحدة والدول الأخرى بالتخفيف من العقوبات الدولية المسلطة على كل من ايران وفينزولا وهو ما سيفتح لهما امكانية الاستثمار في هاتين الدولتين. وآخر مصدر لتعثر المبادرة هو مرض الوزير الأول البريطاني بوريس جونسون من جراء اصابته بفيروس الكورونا
وهكذا تتضاءل حظوظ مشروع الرئيس يس سعيد المتعلقة بمقاربة دولية لمجابهة الكورونا فرغم التهديد الكوني الذي شكله الوباء فان الارادة الدولية ظهرت مشتتة و »كل فول لاهي في نوارو » وكل الحكومات باتت متخوفة من تداعيات الأزمة الصحية في المستوى الداخلي وهو ما يفرض نزوعا أكبر للتفكير في المصالح الخاصة بكل دولة

الدكتور حبيب القزدغلي

اضغط هنا لقراءة كامل اليومية