في خطبة الجمعة اليوم : القبلة الحرام

أنا واحد من الذين أنصتوا اليوم إلى خطبة الجمعة المبثوثة على القناتين الوطنيتين التونسيتين و كان إمام الجمعة متطرّقا إلى بعض قضايا الساعة المطروحة على السّاحة الإعلاميّة

الهادي جطلاوي

الهادي جطلاوي

من تلك القضايا ما لا يشكّل خلافا وجدلا وهو قضيّة « الحرق » و قد استحسنت منه توعية الأولياء بمسؤوليتهم و تشجيع رؤوس الأموال على الانخراط أكثر في تشغيل العاطلين و المساهمة في مقاومة البطالة و تعلّق الشبان بوطنهم. و لكنّ الإمام تناول قبل ذلك قضيّة خلافية ساخنة هي قضيّة ما سمّي ب « القُبلة » بين قضاء يدرجها ضمن « المجاهرة بالفاحشة » و رأي عامّ يلخّصها في مجرّد « قبلة » وينشر عل التواصل الاجتماعي صورا لزوجات يقبّلن أزواجهنّ للقول بأنّ القبلة ليست من الفواحش. و بدا للإمام، سامحه الله، أن يحسم في هذه القضيّة الخلافيّة في المسجد و من على المنبر بما رأى أنّه الفصل بين الحلال و الحرام و الصحة و الخطإ فخلط تحت ما سمّاه ب « المجاهرة بالفاحشة » بين كلّ مستويات تعرية الجسد ما اتّصل منها بالمضاجعة و كذلك ما اتّصل منها بالقبلة و كذلك ما اتّصل منها بالتخفّف من الثياب من قبيل « المريول الخلعة » حسب عبارته بل حتّى ما اتّصل منها بالتعرّي بالحمّام. و شهّر سيّدي الإمام بأصحاب القبل على الفايسبوك الذين نرجو لهم السلامة بعد أن بيّن الإمام موقفه أي موقف « الدين » منهم
فليعلم التونسيون جميعا علما دينيّا رسميّا يصلنا عبر قنواتنا الوطنيّة الرسميّة أنّ القبلة المجاهرة بالمحبّة و المعزّة ممنوعة فليس لك في المستقبل أن تسلّم بالبوس على من تحبّ من الرجال و لا على النساء و ليس لك في المستقبل أن تمشي مع حبيبتك و يدك في يدها و لا يدك بذراعها. إنّ المجاهرة بالحبّ و التعبير عنه بالجسد أمر حرام و لست أدري إن كان سيكون بإمكانك، في المستقبل، السباحة على الشاطئ عاريا و ربّما وصلنا في الصائفة القادمة موضة مايوهات رجاليّة تغطّي جسد الذكور مثلما غطّت جسد الإناث و لا شكّ أنّ المقصّ سيعود إلى عادته القديمة في قطع مشاهد التقبيل و الضمّ و غيرها من العروض الفنّية السينمائيّة و المسرحيّة و غيرها و لا تنسوا « فازة » الجسد الرجالي الراقص بقرطاج
إنّ تدخّل السادة الأئمّة في القضايا الاجتماعيّة الخلافيّة تدخّل خطير و مزالقه هائلة لأنّه يوهم بالحسم الإلاهي في مسائل الخلاف و ينزّل القضايا الاجتماعيّة في منازل الحقّ و الباطل و الكفر و الإيمان و ذلك خاصّة إذا كان لسادتي الأئمّة موقف جاذب بالمجتمع إلى الوراء و متجاهل للأعراف الاجتماعيّة المتحضّرة و أدهى منه أن يتولّى الإعلام الرسمي الوطني دعمه و نشره بفعل فاعل أو بقدرة إلاهيّة

الدكتور الهادي جطلاوي