في التحوير الوزاري : وَيْلٌ لِلْمُصَلّين

ويل للمصلين أو  نقاط الضعف الدستورية والسياسية في التحوير والانعكاسات والآفاق

ويل للمصلين : ذلك ما يمكن أن نصف به الاستشهاد المتواتر بالفصل 89 من الدستور لتبرير الطريقة التي يتم بها تمشي التحوير، من خلال الاقتصار على التذكير بما ورود في الفصل بالمقولة التالية « يختارهم – والمعني هو رئيس الحكومة والمعنيون هم الوزراء وكتاب الدولة – بالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتي الخارجية والدفاع » لكن يتغاضى الجميع على مجمل الفصل 89 الذي وردت فيه الجملة المذكورة، والذي يحدد المقصد والسياق والإطار الدستوري الشرعي الوحيد لتكوين الحكومة، سواء كان ذلك مباشرة بعد الانتخابات أو في الأثناء عن طريق التحوير- وهذا ضمني أي مسألة التحوير التي لم ترد صراحة لكن لا لبس فيه -، حيث رئيس الحكومة، وكما يفرضه المنطق والشرعية، هو منبثق عن الحزب الفائز، وبتكليف من رئيس الجمهورية يكون الحكومة، ثم يعرضها على البرلمان. خارج هذا الفصل وبهذا المعنى لا توجد لرئيس الحكومة أي إمكانية أخرى للتحوير. والغريب في الأمر عدم وجود أي صوت من ‘المختصين’ للتقديم والتأكيد على مثل هذا التوضيح غير القابل لأي تأويل مغاير من أي نوع كان. وإذا أضحت كل المغالطات واردة في هذا الزمن المضطرب فحذار ثم حذار أن تكون على حساب الركيزة الوحيدة التي تقوم عليها الدولة ألا وهو الدستور! وعلى كل سيحاسب كل واحد على أقواله وأفعاله في مثل هذا الشأن والظرف الدقيق
أما البعد السياسي فإن التمشي التحويري لم يسعى إلى تجاوز التوترات القائمة، والتي لكل طرف فيها تبريراته، الصحيح منها والأقل صحة. وتواصل الأمر وكأننا في مقابلة كرة قدم أجوار، بما فيها من تسخين أجواء وشحن وتصعيد، لتنهزم لغة التعقل ومنطق الحكمة القادرين وحدهما على توجيه القرار على ضوء المصلحة الوطنية وحدها
والانعكاس المؤكد الذي سيفرض نفسه هو الابتعاد بمئات الكيلومترات عن ‘الاستقرار’ الذي يستعمل الآن كتبرير للتحوير بالشكل الذي وقع تقديمه، بينما يعلم ويعرف الجميع مسبقا ان كتلا برلمانية متعددة وأحزاب متنوعة والاتحاد العام التونسي للشغل والمؤسسة الرئاسية غير موافقة على التمشي. فكيف ومن أين سيأتي الاستقرار؟
ولنضع أنفسنا ضمن فرضية المرور بالقوة للتحوير كما يبدو الأمر سائرا حاليا، وبالتالي تواصل التوتر وتعميقه. فإن النتيجة الوحيدة في الأفق ستكون التعجيل بإنهاء هذه الفترة النيابية والانتخابية المضطربة إلى أبعد الحدود، وستبقى البلاد في الانتظار الكامل للحل الوطني المفقود، في الغياب الراهن لأي عرض جدي للطلب السياسي الملح، وعندها سيعود الجميع بدون استثناء إلى نقطة الصفر رغم ما يقوم به الكثير من بناء ‘القصور الاسبانية’ على الكم الهائل من الأحداث الفاقدة لأي محتوى. أكل هذا من أجل هذا؟ سؤال محير يبقى يراودنا وينتظر الرد المطلوب

بو جمعة الرميلي