على خاطرك تونسي. مدام سميرة

لتلفزتنا الوطنيّة برامج صالحة لا يمكن أن ينكر فضلها إلاّ جاحد و أخصّ هنا بالذكر منها الومضة التحسيسيّة التّي تحمل عنوان « على خاطرك تونسيّ ». وهي ومضة صامدة منذ أمد وهي تضطلع بمهمّة اجتماعيّة توعويّة تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر. و يعنيني منها هذه الومضة الإصلاحيّة التّي تبثّها الوطنيّة الأولى هذه الأيّام للهداية إلى ما يجب أن يكون عليه الموظّف المثالي الذي جسّدته الومضة في مدام سميرة. و اعتقادي أنّ النصّ المصاحب للصورة كان في جملته نصّا طيّبا. فهذا الموظّف امرأة ذات خبرة وهي امرأة طيّبة بشوش خدوم متفانية في خدمة المواطنين بالتساوي بل إنّ النصّ اختتم القول بأسلوب فيه سجع و فيه صنعة قال : « لا تقول أفّ و لا يجهّم عليها صفّ ». و قد بدت لنا هذه الموظّفة المثاليّة في هيئة محترمة و لباس تونسيّ إداريّ لائق أكسب هذه الومضة حظّا وافرا من التّأثير في المتفرّج
و مع كلّ ذلك فأنت تستغرب من انزلاق هفوات خطيرة في كتابة سيناريو هذا المشهد القصير لم يشعر بها كاتب النصّ و لم يشعر بها لا مخرجه و لا مصوّره و لا ممثّله و خشيتي أن لا يشعر بها حتّى المتفرّج نفسه فيظنّها من مكارم الأخلاق في حين أنّها هفوات قاضية على ما في هذه الومضة من إيجابيات و قاضية على ما في هذه الموظّفة من حسنات و مسرّبة لممارسات أقلّ ما يقال فيها إنّها لا مهنيّة و لا أخلاقية. من هذه الهفوات أنّ هذه الموظّفة كانت تلوّك علكة الشوينقوم تلويكا ظاهرا و من هذه الهفوات أنّ الموظّفة قد استعملت من المعلاق الحامل للطوابع الإداريّة طابعا طبعت به و عند إرجاعه لم ترجعه في مكانه و لم ترجعه بلطف بل رمت به رميا جعله « يتكركب » على مكتبها، و من هذه الهفوات أنّها استلمت من المواطن بطاقة تعريفه و أنّها بعد استعمالها أرجعتها له بصورة لا احترام فيها و لا أدب إذ هي رمت له بها رميا طائشا، و من الهفوات ما أظهرته هذه الموظّفة من التشاغل عن المواطن بمكالمة خارجيّة و ما أظهرته برفع يديها من علامات التسلّط و الحسم ما يتناقض مع تواضع منتظر. و لعلّني أختم بما بدأت به هذه الومضة من إخراج هذه الموظّفة لقدمها اليسرى من حذائها و حكّها بقدمها اليمنى و لم أفهم لهذا « الساق على الساق » معنى أو دلالة
و في الختام فقد كانت مدام سميرة موظّفة عاديّة و لم تكن أبدا موظّفة مثاليّة. فقد تكون مدام سميرة قد تهندمت بهندام لائق و قد تكون قضت للمواطن حاجته و لكنّني لم أرها تخلّقت بأخلاق المهنة و لا استقبلت التونسيّ بالاحترام المطلوب. فإن كنتم على غير هذا الرأي و كنتم من أنصار « الشيكلي أو اللُبان » تطقطقه حسنوات الإدارة أو من أنصار القذف في وجه المواطن فأنا معتذر لديكم و لدى مدام سميرة و الفريق المهندس و المنتج لهذه الومضة التحسيسيّة

الدكتور الهادي جطلاوي

اضعط لمشاهدة الفيديو